الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ تَحْتَ الْعَلَاقَةِ أَنْوَاعٌ تَحْتَ كُلِّ نَوْعٍ جِهَاتٌ، فَهَلْ يَكُونُ أَنْوَاعُ الْجُزْئِيَّاتِ مُلْحَقَةً بِمَا فَوْقَهَا حَتَّى يُشْتَرَطَ فِيهَا النَّقْلُ قَطْعًا أَوْ بِمَا تَحْتَهَا حَتَّى يَكُونَ مَحَلَّ الْخِلَافِ؟ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ. مِثَالٌ: إذَا ثَبَتَ أَنَّ مِنْ الْعَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةَ فِي صِفَةٍ ظَاهِرَةٍ فَإِذَا ثَبَتَ عَنْهُمْ التَّجَوُّزُ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ كَصِفَةِ الشَّجَاعَةِ فِي لَفْظِ الْأَسَدِ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَتَجَوَّزَ بِصِفَةِ الْكَرْمِ فِي لَفْظِ الْبَحْرِ لِلْجَوَادِ فَالْأَقْرَبُ إلْحَاقُهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ. الرَّابِعَةُ: إنْ ثَبَتَتْ بِاعْتِبَارِ نَوْعِ الْعَلَاقَةِ الْخَاصِّ بِالنَّقْلِ وَالتَّجَوُّزِ فِي لَفْظَةٍ بِعَيْنِهَا كَإِطْلَاقِ الْأَسَدِ عَلَى شَخْصٍ بِعَيْنِهِ لِلشَّجَاعَةِ، فَهَلْ لَنَا إطْلَاقُ الْأَسَدِ عَلَى عَمْرٍو كَذَلِكَ قَطْعًا أَوْ نُلْحِقُهَا بِالثَّانِيَةِ فِي الْخِلَافِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَطْعًا. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ النَّقْلَ وَاجِبٌ بِالِاتِّفَاقِ فِي نَوْعِ الْعَلَاقَةِ أَعْنِي النَّوْعَ الْأَصْلِيَّ، وَغَيْرُ شَرْطٍ بِالِاتِّفَاقِ فِي مُشَخِّصَاتِ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ مَجَازًا فِي شَخْصٍ بِعَيْنِهِ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، وَهُوَ مَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ.
وَقَالَ صَاحِبُ " اللُّبَابِ " مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: الْمَجَازُ يَقْتَضِي الْمُنَاسَبَةَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فِي الْمَعْنَى، فَكُلُّ لَفْظٍ جُعِلَ مَجَازًا فِي غَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُشَارَكَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى كَالْأَسَدِ اُسْتُعِيرَ لِلشُّجَاعِ وَالْحِمَارِ لِلْبَلِيدِ، وَالْعِتْقِ لِلطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ. قَالَ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي شَرْطٍ آخَرَ، وَهُوَ كَمَالُ الْمَعْنَى فِي الْمُسْتَعَارِ مِنْهُ، هَلْ هُوَ شَرْطٌ أَمْ لَا؟ فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ الْعُدُولُ عَنْ الْحَقِيقَةِ مُفِيدًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَعْنَى، وَقِيلَ: هُوَ مُشْتَرَطٌ فِي كَمَالِ الْبَلَاغَةِ فِي الِاسْتِعَارَةِ نَفْسِهَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ ": الْحَقِيقَةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ عَنْ وَاضِعِ اللُّغَةِ كَالنُّصُوصِ فِي بَابِ الشِّعْرِ، وَأَمَّا الْمَجَازُ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ السَّمَاعُ، بَلْ يُعْتَبَرُ الْمَعْنَى الَّذِي اعْتَبَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute