أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْإِشْعَارُ بِمَا كَنَّى بِهَا عَنْهُ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا، فَالْكِنَايَةُ أَعَمُّ لِانْقِسَامِهَا إلَيْهِمَا، فَالْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ وَصْفَانِ لِلَّفْظِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعْنَى، وَالِاسْتِعْمَالُ غَيْرُ الدَّلَالَةِ، فَافْهَمْ هَذَا. فَائِدَةٌ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ " الْكَشَّافِ " أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ إمْكَانُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ٧٧] أَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ الِاسْتِهَانَةِ وَالسَّخَطِ، وَأَنَّ النَّظَرَ إلَى فُلَانٍ بِمَعْنَى الِاعْتِدَادِ بِهِ، وَالْإِحْسَانُ إلَيْهِ كِنَايَةٌ إذَا أُسْنِدَ إلَى مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ النَّظَرُ، وَمَجَازٌ إذَا أُسْنِدَ إلَى مَنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ. [التَّعْرِيضُ] وَأَمَّا التَّعْرِيضُ فَهُوَ لُغَةً: ضِدُّ التَّصْرِيحِ. قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي تَفْسِيرِهِ: وَمَعْنَاهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْكَلَامَ مَا يَصْلُحُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَقْصُودِهِ، وَتَحْصُلُ الدَّلَالَةُ عَلَى غَيْرِ مَقْصُودِهِ إلَّا أَنَّ إشْعَارَهُ بِخِلَافِ الْمَقْصُودِ أَتَمُّ وَأَرْجَحُ. وَأَصْلُهُ مِنْ عَرْضِ الشَّيْءِ وَهُوَ جَانِبُهُ كَأَنَّهُ يَحُومُ بِهِ حَوْلَهُ وَلَا يُظْهِرُهُ. قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ: أَنَّ الْكِنَايَةَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِذِكْرِ لَوَازِمِهِ، كَقَوْلِك: فُلَانٌ طَوِيلُ النِّجَادِ كَثِيرُ الرَّمَادِ، وَالتَّعْرِيضُ أَنْ تَذْكُرَ كَلَامًا مُحْتَمِلًا لِمَقْصُودِك، إلَّا أَنَّ قَرَائِنَ أَحْوَالِك تُؤَكِّدُ حَمْلَهُ عَلَى غَيْرِ مَقْصُودِك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute