إلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ» فَالْقُرَشِيُّ وَالثَّقَفِيُّ جَمِيعًا مُسْتَثْنَيَانِ، فَرَجَعَ الْمُزَنِيّ إلَى قَوْلِهِ. وَيَرِدُ عَلَى مَا قَرَّرَهُ فِي النَّفْيِ مَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: ١٥٨] يَعْنِي أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِيمَانِ بِدُونِ الْعَمَلِ لَا يَنْفَعُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى عُمُومِ النَّفْيِ أَيْ: أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ الْإِيمَانُ حِينَئِذٍ النَّفْسَ الَّتِي لَمْ تُقَدِّمْ الْإِيمَانَ وَلَا كَسَبَتْ الْخَيْرَ فِي الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا نُفِيَ الْإِيمَانُ كَانَ نَفْيُ كَسْبِ الْخَيْرِ فِي الْإِيمَانِ تَكْرَارًا فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ الْعُمُومِ أَيْ: النَّفْسُ الَّتِي لَمْ تَجْمَعْ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. تَنْبِيهٌ " أَوْ ": لَهَا اسْتِعْمَالَانِ فِي التَّخْيِيرِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتَوِيَ طَرَفَاهُ عِنْدَ الْمَأْمُورِ وَلَا يُؤْمَرُ فِيهِ بِاجْتِهَادٍ، كَآيَةِ الْكَفَّارَةِ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا فِيهِ بِالِاجْتِهَادِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] فَإِنَّ الْإِمَامَ يَتَخَيَّرُ فِي الْأَسِيرِ تَخَيُّرَ اجْتِهَادٍ وَمَصْلَحَةٍ لَا تَشَهٍّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute