للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَلَوْ أَفَادَتْ انْتِفَاءَ الشَّيْءِ لِانْتِفَاءِ غَيْرِهِ لَزِمَ التَّنَاقُضُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى تَقْتَضِي أَنَّهُ مَا عَلِمَ فِيهِمْ خَيْرًا وَمَا أَسْمَعَهُمْ، وَالثَّانِيَةَ أَنَّهُ تَعَالَى مَا أَسْمَعَهُمْ وَلَا تَوَلَّوْا لَكِنْ عَدَمُ التَّوَلِّي خَيْرٌ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ فِيهِمْ خَيْرًا وَمَا عَلِمَ فِيهِمْ خَيْرًا. قَالَ: فَعَلِمْنَا أَنَّ كَلِمَةَ " لَوْ " لَا تُفِيدُ إلَّا الرَّبْطَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَسَّطَ بَيْنَ الْمَقَالَيْنِ، وَقَالَ: إنَّهَا تُفِيدُ امْتِنَاعَ الشَّرْطِ خَاصَّةً وَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى امْتِنَاعِ الْجَوَابِ وَلَا عَلَى ثُبُوتِهِ إلَّا أَنَّ الْأَكْثَرَ عَدَمُهُ، وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ مَالِكٍ.

وَسَلَكَ الْقَرَافِيُّ طَرِيقًا عَجِيبًا فَقَالَ: " لَوْ " كَمَا تَأْتِي لِلرَّبْطِ تَأْتِي لِقَطْعِ الرَّبْطِ فَتَكُونُ جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُحَقَّقٍ أَوْ مُتَوَهَّمٍ وَقَعَ فِيهِ قَطْعُ الرَّبْطِ فَتَقْطَعُهُ أَنْتَ لِاعْتِقَادِك بُطْلَانَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ قَالَ الْقَائِلُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا زَوْجًا لَمْ يَرِثْ، فَتَقُولُ أَنْتَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ زَوْجًا لَمْ يَحْرُمْ الْإِرْثُ أَيْ لِكَوْنِهِ ابْنَ عَمٍّ، وَادَّعَى أَنَّ هَذَا يُتَخَلَّصُ بِهِ عَنْ الْإِشْكَالِ، وَأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ ادِّعَاءِ أَنَّ " لَوْ " بِمَعْنَى " أَنْ " لِسَلَامَتِهِ مِنْ ادِّعَاءِ النَّقْلِ وَمِنْ حَذْفِ الْجَوَابِ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ: فَإِنَّ كَوْنَ " لَوْ " مُسْتَعْمَلًا لِقَطْعِ الرَّبْطِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَصِرْ إلَيْهِ أَحَدٌ مَعَ مُخَالَفَتِهِ الْأَصْلَ. بِخِلَافِ ادِّعَاءِ أَنَّهَا بِمَعْنَى " أَنَّ " أَوْ " أَنْ " وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ، فَقَدْ صَارَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ. وَالظَّاهِرُ: عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ لِمُوَافَقَتِهَا غَالِبَ الِاسْتِعْمَالَاتِ. وَأَمَّا الْمَوَاضِعُ الَّتِي نَقَضُوا بِهَا عَلَيْهِمْ فَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهَا وَرُجُوعُهَا إلَى قَاعِدَتِهِمْ. أَمَّا الْآيَةُ الْأُولَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>