للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهذا فيه مثل الذي هرب منه، لأنَّ التقدير: يرجع إن يشأ يسكن الريح إسكاناً وعلم الذين، قال بعض الأئمة على قول الزجاج: هذا قال سيبويه في كتابه (١): واعلمْ أنَّ النصب بالفاء والواو في قوله: إن تأتِني آتِك وأُعْطِيَك. ضعيفٌ، وهو نحوٌ من قوله (٢):

.............. … وألحقُ بالحجاز فأستريحا

فهذا يجوز، وليس بحدِّ الكلام ولا بوجهه، إلا أنه في الجزاء صار أقوى قليلاً، لأنه ليس بواجبٍ أنه يفعل، إلا أن يكون من الأول فِعْلٌ، فلمَّا ضارع الذي لا يوجبه كالاستفهام ونحوه أجازوا فيه هذا على ضعفه.

قال: ولا يجوز أن تُحْمَل القراءة المستفيضة على وجْهٍ ضعيفٍ ليس بحد الكلام ولا بوجهه، ولو كانت من هذا الباب لما أَخْلَى سيبويه منها كتابه، وقد ذكر نظائرها من الآيات المُشْكِلة، واختار أن يكون النصبُ على العطف على تعليل محذوفٍ أي: لينتقم منهم ويعلم، ومثله: {هُو عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَه} (٣)، و {خَلَقَ الله السَّمَوات والأرضَ بالحق ولتُجْزَى} (٤)، فيكون ذلك بمعنى قراءة الرفع/ وللجزم في {ويَعَلَم} (٥) وجْهٌ صحيحٌ أي: إن يشأ يجمع بين الإيباق والعفو، وعلم المجادلين مالهم من محيص، فالإيباق لقوم والعفو عن قوم، بأن ينجيهم والعلم للمجادلين ليَحْذَرُوا.


(١) الكتاب ٣/ ٩٢.
(٢) تقدم ذكره في سورة البقرة ٢/ ٣٣.
(٣) الآية ٩ من سورة مريم.
(٤) الآية ٢٢ من سورة الجاثية.
(٥) الآية ٣٥ من سورة الشورى.

<<  <  ج: ص:  >  >>