للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأكيد في القراءتين، وإن كانت هذه النُّونُ لا يؤكد بها إلا فعلٌ مستقبلٌ فيه معنى الطلب، وذلك بأن يكون أمراً، أو نهياً، أو قَسَماً، أو استفهاماً، أو عرضاً، أو تمنياً: اذهبن، ولا تخرجنَّ، وتالله لأكيدنَّ، وهل يُذْهبن، وألا تسمعن، وليتك تأتينَّ.

ولكن سَوَّغ ذلك في الشرط دخول (ما) لشبهها بلام القسم في كونهما للتأكيد، ولذلك قالوا حيثما تكوننَّ، فإن لم تدخل (ما) على إن لم تؤكد بالنون إلا في ضرورة شعر تشبيهاً للجزاء بالنهي، «وفاء أف كُلِّهَا» الضمير في كلِّهَا عائدٌ على كلمة (أف) وهو صوتٌ معناه: التضجر، وأف بالكسر على أصل البناء، والفتح للتخفيف، والتنوين على تقدير التنكير، ومن لم يُنوِّن قدَّر فيه المعرفة، وقال الأخفش (١): أف بالكسر أكثر وأجود.

٤ - وبالفَتْحِ والتَّحْرِيكِ خِطْأً مُصَوَّبٌ … وحَرَّكَهُ المَكِّي ومَدَّ وجَمَّلا

إنما قال: «مُصَوَّبٌ» لأنَّ قوماً استبعدوا ذلك، وقالوا: الخطأ مالم يُتَعَمَّد فلا يصح معناه ها هنا، وقد صوَّبه الزَّجاج وقال (٢): له وجهان:

أحدهما: أنَّ قَتْلَهم كان غيرَ صوابٍ، يقال: أخطأ يُخْطِئُ أخطاءً وخَطَأً، والخطأ الاسم من هذا لا المصدر، قال: وقد يكون من خَطِئَ يَخْطَأ خَطَأً (٣) إذا لم يُصب وأنشد (٤):

والناس يَلْحَوْنَ الأميرَ إذا همُ … خَطِئُوا الصَّوابَ ولا يُلام المرشِدُ


(١) معاني القرآن للأخفش ٢/ ٦١٠
(٢) معاني القرآن للزجاج ٣/ ٢٣٦.
(٣) قوله: «خِطأ» قرأ ابن ذكوان بفتح الخاء والطاء من غير مدٍّ، وابن كثير بكسر الخاء وفتح الطاء مع المدِّ والباقون بكسر الخاء وسكون الطاء من غير مدٍّ.
(٤) البيت لعبيد بن الأبرص وهو في ديوانه ص/ ٤٢، واللسان (أمر) ٢/ ٢٠، والحجة ٢/ ١١٦، ومعاني القرآن للأخفش ٢/ ٦١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>