للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُضْمِرَ لها ما هو من تمامها، والمكسورة حرف واقع في صدر الكلام، فإذا خُفِّفت وأبطلْتَ عملها فلا ضرورة إلى تقدير اسمٍ لها، لأنك تقدرها حرفاً غير عاملٍ ولامعمول فيه كهل وما وترفع ما بعدها بالابتداء والخبر لا غير.

ومَن قرأ وأنَّ فوجهه، ولأنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه أي: اتبعوه لأنه مستقيم، كما قال سيبويه (١) في قوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا/ رَبَّ هَذا البَيْت} (٢)، وفي قوله: {وأنَّ المسَاجِد لله} (٣)، {وأنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدِةً وأَنَا رَبُّكم فَاعْبُدُون} (٤).

إنَّ التقدير لهذا: فليعبدوا، ولأنَّ المساجد لله فلا تدعوا، ولأنَّ هذه أمتكم. فالفاء في فاتبعوه بمنزلتها في قولك: بزيدٍ فامْرُر. زائدةٌ على قول سيبويه، وأما على قراءة الكسر فهي عاطفةٌ جملةٌ على جملةٍ، والمخففة مثل المشددة في التعلق.

٤٧ - ويَأْتِيهِم شَافٍ مَعَ النَّحْلِ فَارَقُوا … مَع الرُّومِ مَدَّاهُ خَفِيفَاً وعَدَّلا

الكلام في يأتيهم كما سبق في {فنَادَاه الملَئِكة} (٥)، و {فَرَقُوا دينهم}، و {فرَّقوا} (٦) سواء، لأنهم إذا فرقوا دينهم فقد فارقوه، ومثل ذلك صعَّر وصَاعر، وضعَّف وضَاعف أي: إنهم اختلفوا في دينهم وتفرقت مذاهبهم، ويقوِّي ذلك {وكانُوا شِيعاً} (٧)، وقيل: فارقوا دينهم تركوه وباينوه.


(١) انظر: الكتاب ٣/ ١٢٧
(٢) الآية ٣ من سورة قريش.
(٣) الآية ١٨ من سورة الجن.
(٤) الآية ٩٢ من سورة الأنبياء.
(٥) الآية ٣٩ من سورة آل عمران.
(٦) الآية ١٥٩ من سورة الأنعام.
(٧) الآية ١٥٩ من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>