للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سببها أنَّ الكفار كانوا إذا سمعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ رفعوا أصواتهم وأكثروا اللغو لئلا يستمع أتباعهم وأبناؤهم كلام الله -عز وجل- فيسلموا، فتركت أدباً ليخالفوا عادة أولئك.

وعلى الجملة فاللفظ عامٌّ فينبغي أن يكون المستمع متدبِّراً لما يسمع متِّعظاً به، وقد تحدث بعض من خلا والقارئ يقرأ، فقيل لهما: ألم يقل الله -عز وجل- {وإذا قُرِئَ القرءانُ فاسْتَمِعُوا} فقالا: إنما ذلك في الصلاة، فنظر إلى السبب ولم ينظر إلى عموم الأمر بالإنصات فإنه لم يقيد بالسبب ولم يقصر عليه.

وقوله: {لعلَّكم تُرْحمون} مطابق لما جاء في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما تجالس قومٌ في بيتٍ من بيوت الله -عز وجل- يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكةُ، وغشيتهم الرحمةُ، وذَكَرَهم اللهُ فيمن عندَه» (١). وهذا يعمُّ القارئ والمستمع، فندب المستمع إلى الإنصات ليرحم مع التالين.

١٦ - هَنِيئَاً مَرِيئَاً وَالدَاكَ عَلَيْهِمَا … مَلابسُ أنْوَارٍ مِنَ التَّاجِ والحُلا

«هنيئاً مريئاً» منصوب على الحال، أي: ثبت لك هنيئاً مريئاً، أو على نعت مصدر بمعنى: عِش عيشاً هنيئاً، أو بمضمرٍ بمعنى صادفت هنيئاً، والهنِيءُ الذي لا آفة فيه، والمريء: المأمون الغائلة (٢). يقال: هنأني، ومرأني، فإذا أفردت قلت:/ أمرأني.

ومعنى البيت ما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قَرَأ القرْآَنَ وعَمِلَ بما فيه أُلْبِسَ والدَاه تَاجَاً يوم القيامةِ ضَوْءه أحسنُ من ضَوْءِ


(١) رواه أبوداود في سننه ٢/ ٧٠
(٢) الشر، أي: المأمون الشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>