للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفتح، ويقتضي القياس مجيء اسم المكان والزمان بالضم، لكن ليس في الكلام مفْعُل، فمنهم مَنْ ردَّهما إلى الفتح للخفة، ومنهم مَنْ كسر لأنَّ الكسر أشبه بالضم.

فقول الزجاج راجعٌ إلى هذا، فالفتح على هذا يحتمِلُ المصدر والاسم، والكسر الاسم لا غير على هذا، وأهل الحجاز، وبنو أسدٍ يفتحون مَنْسَكاً، وسائر أهل نجد يكسرون.

٦ - ويَدْفَعُ حَقٌّ بَيْنَ فَتْحَيْهِ سَاكِنٌ … يُدَافِعُ والمضْمُومُ فِي أَذِنَ اعْتَلَى

٧ - نَعَمْ حَفِظُوا والفَتْحُ في تَا يُقَاتِلُو … نَ عَمَّ عُلاهُ هُدِّمَتَ خَفَّ إِذْ دَلا

قد تقدَّم الكلام على يُدَافِع ويَدْفع في {دَفْعُ اللهِ} و {دِفَعُ اللهِ} (١) في البقرة، وإنما قال: «والمضموم في أذن اعتلا نعم حفظوا» لأنَّ المسلمين كانوا يَلْقَوْن من مشركي مكة أنواع الأذى مِنْ الضرب والشج، فيتظلَّمون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيأمرهم بالصبر، ويقول (٢): «لم أُومَرْ بالقتال».

وأُمِرَ بالصبر في نَيْفٍ وسبعين آيةً، فلما هاجر نزلت هذه الآية ففيها إذنٌ بالقتال.

فبناؤه لما لم يُسمَّ فاعله، لأنَّ المقصود الإخبار عن الإذن في القتال، ولأنه من كلام الملوك أن يقال: فُعِلَ كذا، وأُذِن لفلان في فعل كذا.

وأُذِنَ معناه: أَذِنَ الله لهم في القتال، فالمفعول محذوفٌ ويُقاتَلُون لأنَّ المشركين قاتلوهم، ويُقَاتِلُون بالكسر، لأنهم أرادوا قتال المشركين أي: يريدون القتال، وهُدِّمت وهُدِمَتْ سواءٌ في التشديد معنى المبالغة والتكرير.


(١) الآية ٢٥١ من سورة البقرة.
(٢) كان ذلك في بيعة العقبة الكبرى عندما خرجوا من رحالهم في منى فقالوا: والله الذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل منى غداً بأسيافنا، فقال: لم نؤمر بذلك.
(سيرة ابن هشام ٢/ ٤٧٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>