للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب هذا الإظهار بعدُ المسافة بينها وبينهما لأنهما من الحلق والنون من طرف اللسان وبقدر التوغل في البعد يتقدر الإظهار.

وللحلق ثلاثة مخارج أدنى، وأوسط، وأقصى على ما رتَّبها في البيت فالأقصى الهمزة والهاء، والأوسط للحاء والعين، والأدنى للخاء والغين، فأعط كل حرفٍ من الإظهار على حسب مخرجه من غير إفراط، وذلك أنَّ الإفراط يكاد يحرك الساكن وتحريك الساكن لغيرعلة خطأ، ولما كان التنوين والنون سهلين لاتحتاجان في إخراجهما إلى كلفةٍ، وحروف الحلق أشد الحروف كلفةً وعلاجاً في الإخراج حصل بينها وبينهما تباين لم يحسن معه الإخفاء كما لم يحسن معه الإدغام إذ هو قريبٌ منه فوجب الإظهار.

٥ - وقَلْبُهُمَا مِيمَاً لَدَى البَاءِ وَأَخْفِيَا … عَلَى غُنَّةٍ عِنْدَ البَوَاقِي لِيَكْمُلا

قلبهما (١) ميماً عند الباء في الانفصال فأما في حالة الاتصال فلا يكون القلب إلا للنون ومثال ذلك: {أنْ بُورِكَ} (٢)، و {سمِيعٌ بَصيرٌ} (٣)، و {خَبيرٌ بما تَعْمَلُونَ} (٤)، ومثال الاتصال {أَنْبِئْهُمْ} (٥).

وإنما قُلبا عند الباء ميماً لأَّن الإظهار لايحسن لأنَّ فيه كلفةً من أجل احتياج الناطق به إلى إخراج النون من مخرجها على ما يجب لها من التصويت بالغنة التي تخرج من الخيشوم فيحتاج إلى فتورٍ يُشبه الوقف، وإن لم يفعل


(١) وهو مايسمى بالإقلاب.
(٢) الآية (٨) من سورة النمل.
(٣) الآية (٧٥) من سورة الحج وغيرها.
(٤) الآية (١٣) من سورة المجادلة وغيرها.
(٥) الآية (٣٣) من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>