السَّلم بالفتح والكسر واحد في الإسلام والمصالحة والمُسَالمة، وقوله:«أصلُ رضىً دنا» لأنَّ بعضهم يقول: الفتح أعرب اللغتين وأعلاهما في جميع ذلك، قال ابن السَّكِّيت: السَّلم بالفتح الصلح.
وقال يونس: السِّلم بالكسر الاستسلام؛ وحكى ثعلب عن أبي عمروٍ رحمه الله أنه كان/ يكسر التي في البقرة ويذهب بمعناها إلى الإسلام، ويفتح السين في الأنفال والقتال وتناول فيهما المسالمة، وقال يونس: يجوز في المصالحة الفتح والكسر.
وأنكر المبرِّد هذه التفرقة؛ وأبو عمرو رحمه الله شديد الأخذ بالإتْباع ولم يفرِّق معتمداً على قياس، وهذا ظنٌ سيئٌ ممن ظنَّه، والقراءتان بمعنىً واحدٍ، وكل واحد يستعمل في الصلح والإسلام جميعاً، وصاحب القراءة مُتَّبِعٌ لأئمته فيما قرأ به.
ووجه رفع (حتى يقول) أنَّ المعنى وزلزلوا فقال الرسولُ، والفعل المستقبل بعد حتى إذا كان بمعنى فُعِل أو يُفْعَل الآن رُفع كقولك: سرتُ حتى أدخُلُها أي: كنت سِرْت فدخلتها فقد مضيا جميعاً، ولا تعمل حتى على هذا بإضمار أن لأنَّ بعدها جملة وهي كقوله (١):
فيا عجبا حتى كُليبٌ تَسبُّني … كأنَّ أباها نهشلٌ أو مجاشِع
فهذا تقدير قراءة الرفع، فالرفع في اللام أُوِّل بهذا، وتقول: سِرْت حتى أدخُلَها على أنَّ السيرَ قد مضى والدخول حاضِرٌ أي: وأنا أدخلها الآن.
(١) البيت للفرزدق وهو في ديوانه ٥١٨، كتاب سيبويه ٣/ ١٨، الخزانة ٤/ ١٤١.