للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى سيبويه من ذلك: «مَرِض حتى ما يرْجُونه» (١) أي: حتى إنه الآن لا يُرجى، ولا يصح تأويل القراءة عليه إلا أن يراد بالرسول نبيِّنُا -صلى الله عليه وسلم-.

وأما قراءة النصب فتقديرها: وزُلْزِلُوا إلى أن يقول الرسول؛ ويجوز أن تكون بمعنى كي يقول الرسول، وذلك أنَّ المعنى أم حسبتم أن تدخلوا الجنه ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم أي: ولما ينزل بكم ما نزل ممن تقدم قبلكم من المؤمنين مع الأنبياء مسَّتهم البأساء والضراء أي: شدة الحاجة والأوصاب.

وزلزلوا أي: حُركوا بما آذاهم،/ وأصل ذلك زلَّ الشيءُ مِنْ مكانه؛ وكل ما كان مكررا كُرِّرت فاؤه نحو: قُلْقُل، وذلك أنهم خُوِّفُوا مرةً بعد مرةٍ ثم قال: حتى يقول الرسول أي: إلى أن يقول الرسول، أي: يأتيكم مثل ما أتاهم فيزلزلون حتى يقول الرسول، واختار أبو عُبيدٍ قراءة النصب قال: والنصب من وجهين:

أحدهما: اختلاف الفعلين وذلك أنَّ قولَه: (وزُلْزِلوا) فعلُ ماضٍ وقوله: يقول الرسول فعل مستقبلٌ فلما اختلفا كان الوجُه النصبَ، قال: وهذه حجة أبي عمرو قال: والأخرى: أنَّ الفعل الماضي إذا تطاول كان بمنزلة المستقبل عند العرب قال: وهذه حجة الكسائي، قال أبو جعفر النحاس (٢): «أما الحجة الأولى بأنَّ (زلزلوا) ماض، و (يقول) مستقبل فشيء ليس فيه علةٌ لرفع ولا نصب، وكأنَّ هذه الحجةَ غَلَطٌ وإنما يتكلم بها في باب الفاء؛ وحجة الكسائي أنَّ الفعل إذا تطاول صار بمنزلة المستقبل كلا حُجَّة، لأنه لم تكن العلة في النصب قال: ولو كان مستقبلاً لكان السؤال


(١) كتاب سيبويه ٣/ ٢٠.
(٢) إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس ١/ ٣٠٤، وانظر: الكتاب ٣/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>