للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه ما أولاه من خير مع الإعراض عن المحرك له والمقدر لذلك على يده سبحانه، ولا يذمه على ما رماه به من شر، أو على منع، أو «مولىً» بمعنى سيد فيتواضع لهم، ولا يحتقر أحداً

مِنْ خلق الله عاصياً كان أو مطيعاً؛ لأنهم في ذلك يَجْرون على سابق القضاء والقدر.

٨٩ - يَرَى نَفسَه بالذَّمِّ أَوْلَى لأنَّهَا … عَلَى المَجْدِ لم تَلْعَقْ مِنَ الصّبْرِ والأَلا

أي: يرى نفسه بالذمِّ أولى مِنْ ذَمِّهم لكثرة نظره في عيوبه، واشتغاله بها، ومعرفته بتقصيره، وقوله: «على المجد» أي: على تحصيله، وفي معناه قيل:

لا تحسَب المَجْدَ تَمْرَاً أنتَ آَكِلُه … لَنْ تَبْلُغَ المجدَ حتى تلْعَقَ الصَّبِرَا (١)

ولو قال: «لم تصبر على الصبر والألا» لكان أحسن لأنَّ الألا لايلعق، وهو نبت يشبه الشيح رائحةً وطعماً، ولا يُسْتَطعم لَعْقُه، وإنما يستطعم الصبر عليه مع عدمه، وقوله: «من الصبر» أي: من مثل الصبر، وواحدة الألا ألاة.

قال الشاعر (٢):

فَخَرَّ عَلى الألاءة لم يُوسَّدْ … كأنَّ جبينَه سِيفٌ صَقيلُ

وقد روى مسلم أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل «أيُّ العمل أحبُّ إلى الله -عز وجل-؟ فقال: أحبُّ العمل إلى الله أدومه وإن قَلَّ» (٣)

وقال محمد بن بشير:


(١) لم أقف عليه في دواوين الشعر على كثرة تداوله.
(٢) البيت لابن عنمة وهوفي اللسان (ألأ) ١/ ١٥ وورد صدره في الحماسة لشمعلة بن أخضر وعجزه فيه: (وقد كان الدماء له خمارا) ديوان الحماسة ١/ ٢٩٢.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي. باب/ لن يدخل أحد الجنة بعمله ١٧/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>