للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب التكبير]

١ - رَوَى الْقَلْبِ ذِكْرُ اللهِ فَاسْتَسْقِ مُقْبِلَا … وَلَاتَعْدُ رَوْضَ الذَّاكِرِينَ فَتُمْحِلَا

«رِوَى القلب» رِيُّهُ يقال: رَوِي من الماء يروي رَيَّاً ورِيّاً، ورِوَىً مثل رِضاً، واستسق اطلب السقي، «مقبلاً ولا تعد روض/ الذاكرين».

رُوي عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال (١): «إنَّ لله ملائكةً تَقِفُ على مجالس الذكر في الأرض فارتَعُوا في رياض الجنة، قالوا: وأين رياض الجنة، قال: مجالس الذكر فاغْدُوا ورُوحُوا في ذكر الله، مَنْ كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله عنده، فإنَّ الله تعالى يُنزل العبد بحيث أنزله من نفسه».

٢ - وَآثِرْ عَنِ الآثَارِ مَثْرَاةَ عَذْبِه … وَمَا مِثْلُهُ لِلْعَبْدِ حِصْناً وَمَوْئِلَا

أي: قدِّمْ مثراة عذبه على كل شيءٍ آخذاً بذلك عن الآثار، والمثراة مِنْ قولهم: هذا مثراة للمال أي: مكثرةٌ له أي: آثر مكتسب عذبه ومُكثرته، والمثراة أيضاً مصدر ثَرِي المكان يَثْرِي ثرىً، ومثراة إذا كَثُرَ نداه وبَلَلُه أي: قَدِّم نَدَى عذبه على كل شيء، وذلك مما يُسْتَعار للوصلة، والذِّكرُ وُصْلةٌ بين العبد وبين ربه -عز وجل-، يقولون: بيني وبينك مُثْرٍ أي: لم ينقطع، وهو مَثَلٌ كأنه قال: لم ييبس مابيني وبينك، قال جرير (٢):

فلا تُوبسوا بيني وبينكم الثرى … فإنَّ الذي بيني وبينكم مُثْرِى

ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- (٣): «صِلُوا أرحامكم ولو بالسلام».


(١) روا البزار في مسنده وقال: لا نعلمه يُروى بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد. انظر: كشف الأستار عن زوائد البزار. باب الاجتماع على ذكر الله ٤/ ٥، وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى، والبزار، والطبراني في الأوسط، وفيه عبدالله بن عمر، وقد وثقه غير واحدٍ، وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد ١٠/ ٧٧.
(٢) وهو في ديوانه ص/ ٢١٣، واللسان (ثرا) ١٤/ ١١٢.
(٣) ذكره السيوطي في الجامع الصغير، وقال الهيثمي: فيه يزيد بن عبد الله بن البراء الغنوي وهو ضعيف. انظر: فيض القدير ٣/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>