للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩ - عَليكَ بِهَا ما عِشْتَ فيها مُنَافِسَاً … وبِعْ نَفْسَكَ الدُّنيا بِأَنْفَاسِهَا العُلا

أي: الزمها، وبادر إليها منافساً، وهو منتصب على الحال، و «العلا» إن جعلته جمع عليا كتبته بالياء، وإن جعلته/ مفرداً كتبته بهما، فالياء على مذهب الكوفيين فيما كان من ذوات الواو مضموم الأول أو مكسوره.

وفي الحديث: «أنَّ رجلاً قال يارسول الله: أي النَّاس خير؟ قال: مَنْ طال عمره وحسن عمله، قال: فأي الناس شرٌّ، قال: من طال عمره وساء عمله» (١).

وروى البخاري أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أعْذَرَ اللهُ إلى امرئٍ أخَّرَ أجَلَه حتى بلَغَ ستين سنةً» (٢).

وقال بعض الصحابة عند موته: اللهم إني لم أكن أريد البقاء في الدنيا لغرس الأشجار، ولا لكري الأنهار، وإنما كنت أريد البقاء فيها للظماء في الهواجر، ومزاحمة العلماء في حِلَقِ الذكر بالركب (٣) اهـ. فعلى مثل هذه الأعمال كان حرصهم.

ورغب النبي -صلى الله عليه وسلم- مرةً في الجهاد، ورجلٌ من الأنصار يأكل تمراتٍ في يده، فقال: إني لحريصٌ على الدنيا إن جلست حتى أفرغ منهنَّ، ورمى ما في يده وقاتل حتى قتل (٤).


(١) رواه الترمذي في سننه في كتاب الزهد ٤/ ٥٦٥.
(٢) ورواه أحمد في المسند بلفظ: «من عمره الله تعالى ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر».
(٣) هذا القول للصحابي معاذ بن جبل وذلك عند موته، فلما حضرته الوفاة، قال: «مرحباً بالموت، مرحباً بزائرٍ جاء على فاقةٍ، لا أفلح من ندم، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء … » جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر ١/ ٥١.
(٤) السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٦٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>