للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الشريعة والأحقاف]

١ - مَعاً رَفْعُ آياتٍ عَلَى كَسْرِهِ شَفَا … وَإِنَّ وَفِي أَضْمِرْ بِتَوْكِيدٍ أَوِّلَا

قال رحمه الله: لم أُرِد بقولي: «أضْمِرْ» الإضمار الذي هو كالمنطوق به، وإنما أردت أنَّ حرف العطف ناب في قوله: {وفي خَلْقِكُم} عن أنَّ وفي قوله: {واخْتِلَف} (١) عن (أنَّ) (وفي)، وإذا كانت الآيات توكيداً خرج عن العطف على عاملين الذي يأباه [أكثر البصريين] (٢)، وخرج عن إضمار الجر الذي هو قليلٌ في الكلام.

وهذا الذي ذهب إليه هو قول ابن السَرَّاج، وذلك أنَّ النحويين اختلفوا في العطف على عاملين فَمَنَعَهُ الحذَّاق من النحويين، وهو كقولك: رأيت زيداً في الدار والمسجدِ عمراً، فالعاملان رأيت، و «في»، هذا عَمِلَ النصبَ وهذا عَمِلَ الخفضَ، وكذلك قام زيدٌ في الدار والقصرِ عمروٌ، فَخَفَضَت القَصْرَ بالعطف على الدار، ورفَعَت عمراً بالعطف على زيدٍ، فَعَطَفَت على عاملين، وهما قام، وفي فعَمِلَ حرفُ العطف عَمَلَين الخفضَ والرفعَ.

وإذا كان الفعل الذي هو الأصل لا يعْمَلُ عَمَلَين مختلفين، فالواو التي تنوب عن الفعل في قولك: قام زيدٌ وعمروٌ أولى أنْ لا تَعْمَل عملين، وأجاز الأخفش قام زيدٌ في الدارِ والقصرِ عمروٌ، ولم يُجِزْ قام زيدٌ في الدار وعمروٌ القصرِ، لئلا يَفْصِل بين الجارِّ والمجرور، ولأنَّ الجار والمجرور كالشيء الواحد، واحتج بهذه الآيات التي نحنُ فيها، فقال: {واخْتِلَافِ الَّيْلِ والنَّهَارِ} (٣) مجرور بالعطف على المجرور قبله، و (آياتٍ) منصوبٌ بالعطف على ما عَمِلَت فيه (أن).


(١) الآية ٥ من سورة الجاثية.
(٢) في (ش) [أغلب البصريين].
(٣) الآية ٥ من سورة الجاثية.

<<  <  ج: ص:  >  >>