للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فقد قال أبو عبيد: إنما نُرِي ابن عامر والسُّلَمي قرآ تلك القراءة اتِّباعاً للخط؛ وليس في إثبات الواو في الكتاب دليلٌ على القراءة بها، لأنهم قد كتبوا الصلاة والزكاة بالواو، ولفظُهُما على تركها، فكذلك الغداة على هذا وجدنا ألفاظ العرب.

فالجواب: أن يقال له: هذا الذي ذكرته حجةٌ عليك، لأنهما ومن وافقهما لو اتْبَعوا الرسم من غير أن يكون ذلك منقولاً ومقولاً لقرؤوا الصَّلَوَة والزَّكَوَة والرِّبو بالواو ولم يفعلوا ذلك، فلا يقع فيه جاهل فضلاً عن عالم، وكيف يَظُنُّ ذلك ظانٌ بقومٍ أخذوا القراءة نقلاً وأتْبَعوا فيها الأثر؛ وقد ذكرنا وجْهَ ذلك في العربية، والله أعلم.

١٠ - وإنَّ يِفَتْحٍ عَمَّ نَصْرَاً وبَعْدُكَمْ … نَمَا يَسْتَبِينَ صُحْبَةٌ ذَكَّرُوا وِلا

١١ - سَبِيلَ بِرَفْعٍ خُذْ ويَقضِ بِضَمِّ سَا … كِنٍ مَع ضَمِّ الكَسْرِ شَدِّدْ وأَهْمِلا

١٢ - نَعَمْ دونَ إِلبَاسٍ وذَكَّرَ مُضجِعَاً … تَوَفَّاهُ واسْتَهْوَاهُ حَمْزَةُ مُنْسِلا

أي: «عمَّ» نصره لأنه بدلٌ من الرحمة؛ كأنه قال: {كَتَبَ رَبُّكم عَلَى نَفْسِهِ أنَّه من عَمِلَ} (١)؛ «وبعدكم نمى» أي: كم ورد من قولهم: نمى الحديث، وهي عند سيبويه (٢) بدلٌ من الأولى.

واعتُرِضَ عليه بأنَّ (مَنْ) إن كانت موصولةً بقيت بلا خبر، وإن كانت شرطاً بقيت بغير جواب؛ وأيضاً فالفاء تُمنَعُ من البدل لأنها حالت بينه وبين المبدل منه، وقال الأخفش فيها (٣): إنها مرتفعة بظرفٍ مقدَّرٍ أي: فله أنه


(١) الآية ٥٤ من سورة الأنعام.
(٢) أشار في الكتاب ٣/ ١٣٤ إلى قراءة الأعرج (فإنه غفور رحيم) وليس في الكتاب مانقله عن المؤلف.
(٣) قال في معاني القرآن ٢/ ٢٧٦: «فإنه» على الابتداء أي: فله المغرة. والرحمة فهو غفور رحيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>