للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

/ لأنَّ الأول فأزالهما الشيطان عن الجنة أي: نحَّاهُما عنها فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم، ومَنْ قرأ فأزلهَّما كان بمعنى أزالهما إن قدَّرْتَه مِنْ زَلَّ عن الموضع إذا لم يثبت فيه، أو يكون معناه فأكسبهما الزَّلَّة.

٨ - وَآدَمَ فَارْفَعْ نَاصِبَاً كَلِمَاتِهِ … بِكَسْرٍ وَلِلمَكِّيِّ عَكْسٌ تَحَوَّلا

وجه قراءة ابن كثير: أنَّ ماتلقيته فقد تلقاك، فالكلمات فاعلة وآدم مفعول، وآدم في القراءة الأخرى فاعل، والكلمات مفعولة، ومن الأفعال ماتستوي في المعنى إضافته إلى الفاعل والمفعول نحو: نالني كذا، ونلت كذا، وأصابني كذا، وأصبت كذا، كقوله (١):

إِذَا أَنت لم تُعرض عن الجهل والخَنَا … أصبت حليماً أو أصابك جاهلُ

ومثل قراءة ابن كثير {لايَنَال عَهْدِي الظَّلمين} (٢)، و {بَلَغَنِيَ الكِبَر} (٣)، ولأنَّ الكلمات لما كانت سبباً لتوبته وإنقاذِه حَسُن أن يسند الفعل إليها.

٩ - ويُقْبَلُ الاُولَى أَنَّثُوا دُونَ حَاجِزٍ … وَعَدْنَا جَمِيعَاً دُونَ مَا أَلِفٍ حَلا

«دون حاجز» أي: دون مانع من التأنيث لأنَّ الشفاعة مؤنثة، ومَنْ قرأ بالياء فلأنَّ تأنيث الشفاعة غير حقيقي، وكل ما تأنيثه غير حقيقي فإلى التذكير مآله، لأنَّ التذكير هو الأصل والتأنيث داخل عليه، وهاهنا لم يدخل التأنيث على تذكيرٍ فهي إذاً بمعنى التشَفُّع، لاسيما وقد وقع الفصل بين الفعل والفاعل وذلك مما يجوز معه تذكير المؤنث الحقيقي، فغير الحقيقي أولى،


(١) البيت لكعب بن زهير وهو في ديوانه ٢٥٧.
(٢) الآية ١٢٤ من سورة البقرة.
(٣) الآية ٤٠ من سورة آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>