للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك استغنوا بدلالة قطع الهمزة في الاسم العظيم عن قطع همزة الناس، ولأنَّ الألف واللام لا يفارقان الاسم المعظم بخلاف الناس، لأنك قد تقول: ناس، و «يا رافع العلا» أي: يا رافع السموات العُلى.

٣٧ - وَآخِرُ دَعْوَانَا بِتَوْفِيقِ رَبِّنَا … أَنِ الْحَمْدُللهِ الذّي وَحْدَهُ عَلَا

الباء في «بتوفيق ربنا» يجوز أن تتعلق بدعوانا، وأن تتعلق بأخر، و (أن) مخففة من الثقيلة، والأصل أنه الحمد لله بتقدير ضمير الشأن كقوله (١):

في فتيةٍ كسيوف الهند قد علموا أنْ هالكٌ كلُّ من يحفى وينتعل

٣٨ - وَبَعْدُ صَلَاةُ اللهِ ثُمَّ سَلامُهُ … عَلى سَيِّدِ الْخَلْقِ الرِّضَا مُتَنَخِّلَا

٣٩ - مُحمَّدٍ الْمُخْتَارِ لِلْمَجْدِ كَعْبَةً … صَلَاةً تُبارِي الرِّيحَ مِسْكاً وَمَنْدَلَا

«صلاة الله» مبتدأ، و «على سيد الخلق» الخبر، و «محمد» عطف بيان، و «تبارى الريح» تعارضها وتجري جريها أي: تباريها مِسْكُها ومندلها، والمسك وعبيره من الطيب يستعار للثناء الحسن، ويقال: فلان يباري الريح سخاؤه أي: جرى سخاؤه جريها، ويعم عمومها.

و «متنخِّلا» حال أي: المرضي متخيراً، و «للمجد» يجوز أن يكون مفعولاً من أجله، لأنَّ الرفعة وعلو الشأن به، ويجوز أن يكون هو كعبة المجد به، ويدور عليه كما يطاف بالكعبة.

وقول الناس: هم كعبة الكرم إنما يراد أنه يحج إليه، ويقصد من أجل كرمه كالكعبة، وهذه المعاني كلها موجودة فيه صلى الله عليه أبداً.

٤٠ - وَتُبْدي عَلى أَصْحَابِهِ نَفَحَاتِهَا … بِغَيْرِ تَنَاهٍ زَرْنَباً وَقَرَنْفُلَا

أي: وتظهر هذه الصلاة على أصحابه نفحاتها مشبهة زرنباً وقرنفلاً، ولما كان الزرنب والقرنفل تبعاً للمسك والمندل في الطيب، وكانوا تبعاً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة عليه كانت الصلاة عليه، كأنها قد أصابهم من


(١) البيت للأعشى وقد تقدم في سورة الأنعام عند البيت رقم (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>