للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: فإن الصدَّ لم يقع في المستقبل] (١): قلت: هو متوقع إلى يوم القيامة وكم من مرةٍ قد وقع، ونحن مأمورون أن لا نعتدي إن صُدِدْنا عن البيت بسبب بغْض من صدَّنا، ودلى دلوه إذا أخرجها ملأى، ودلى إبله ساقها سوقاً رفيقاً، وقلاها إذا ساقها عنيفاً، قال (٢):

لا تَقْلُواها وادلواها دلواً … إنَّ مع اليوم أخاه غُدوا

لأنه مأمورٌ في هذه القراءة بالرفق على الدَّوام متى وقع الصد [أُمِرَ] (٣) بترك الاعتداء والرفق يلزم ذلك، وأخرج دلوه ملأى لهذا المعنى.

٢ - مَعَ القَصْرِ شَدِّدْ يَاءَ قَاسِيةً شَفَا … وَأَرْجُلِكُم بالنَّصْبِ عَمَّ رِضَاً عَلا

إنما قال: «شفا» لأنه أبلغُ في الذمِّ مِنْ قاسٍ، وقيل: قَسِيَّة رديئة من قولهم: (دِرْهم قَسِيٌّ) أي: زائف، وحُكي عن المبرِّد أنه لشدة صوته بالغِش؛ وكل شيء صَلُب وذهب لينُه فهو قَسي، قالوا: ولهذا قيل للدراهم التي قَدُمت وطال عليها الدهر قسيَّة قال الشماخ (٤):

لها صواهِلُ في صُمِّ السلام كما … صاح القسيَّاتُ في أيدي الصياريف

يصف المساحيَ، وقاسيةٌ كما جاء {فَوَيلٌ للقَاسِية قُلُوبُهم} (٥) والقاسية قلوبهم بإجماعٍ فحجته أنهما لغتان بمعنىً واحدٍ؛ ورضاً منصوب على التمييز، أو على الحال بمعنى مرضياً؛ وفي عم ضمير يعود إلى وأرجلَكَم


(١) مابين المعقوفتين سقط من (ع).
(٢) البيت في اللسان (دلا) ولم ينسب لأحدٍ ١٨/ ٢٩٢.
(٣) في (ع) [ندِب].
(٤) البيت لأبي زبيد وهو في ديوانه/ ٦٥٠، وهو في اللسان (قسا) ٢٠/ ٤٢.
(٥) الآية ٢٢ من سورة الزمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>