للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالاً من مواليه لتقدُّمه، والعامل ليس بفعل متصرفٍ، و «مواليه» ابتداء وعلى الجد خبره، ومقبلا حالٌ منه، والتقدير: مواليه مقبلاً على الجد كما تقول: زيدٌ على الحق لأنه إذا والاه مقبلاً محتفلاً متدبراً، فهو على الجد يشير إلى ما كان الأولون عليه من الاهتمام به، كما حكي أنَّ بعضهم استأذن أميره في المقام عند أهله ليلةً واحدة فأذن له، فشرع في الصلاة حتى طلع الفجر مشغولاً بالقرآن عن أهله، ثم رجع وفاءً بعهده ولم يرهم.

وقد روى أبو ذرٍ أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام الليل بهذه الآية (١) يرددها {إِنْ تُعَذِّبْهمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} (٢)، وبقي تميمٌ الداري رحمه الله ليلةً إلى أذان الصبح في قوله تعالى: {وهُمْ فِيهَا كَلِحُون} (٣)، وردد سعيد بن جبير (٤) رحمه الله: {وامْتَازُوا اليوَمَ أَيُّهَا المجرِمُون} (٥) حتى أصبح، فهذا معنى قوله: «على الجدِّ مقبلا».

٧ - وقَارِئُهُ المَرْضيُّ قَرَّ مثَالُهُ … كَالَاتْرُجِّ حَالَيْهِ مُرِيحاً ومُوكِلا

قرَّ: بمعنى استقرَّ، والأترنج لغةٌ في الأترج، وأراح يريح فهو مريح. إذا عبق وأكل الزرع والنخل، وكل شيء إذا أطعم.

«وقارئه» مبتدأ، والمرضي خبره، ويجوز أن يكون صفةً، وقرَّ وما بعده الخبر، ومعنى ذلك: أنه استقرَّ، مثاله في الحديث النبوي (كالأترج)


(١) رواه أحمد في مسنده ٥/ ١٤٩.
(٢) الآية (١١٨) من سورة المائدة.
(٣) الآية (١٠٤) من سورة المؤمنون.
(٤) سعيد بن جبير المقرئ الفقيه أحد أئمة السلف الأعلام قتله الحجاج وما على وجه الأرض إلا وهو يحتاج إلى علمه. توفي سنة خمسٍ وتسعين. تذكرة الحفاظ ١/ ٧٦.
(٥) الآية (٥٩) من سورة يس.

<<  <  ج: ص:  >  >>