والقراءة ثابتة ووجهها ظاهر وكأنه قال: واقتلوهم حيث ثقفتموهم إلا عند المسجد الحرام فلا تقتلوهم عنده حتى يقتلوكم، فيصير المعنى وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم واقتلوهم إلا عند المسجد الحرام فلا تقاتلوهم فلا تقتلوهم عنده حتى يقاتلوكم ويقتلوكم لأنه أمرٌ بالقتال والقتل.
ثم استغنى في الاستثناء بأحدهما لأنَّ كلَّ واحدٍ [/ منهما يدلُّ على الآخر، وكذلك قال المفسرون](١): المعنى ولا تبدؤوهم بقتلٍ أو قتالٍ حتى يبدؤكم به؛ فَمَنْ قرأ ولا تقاتلوهم أراد ولا تقاتلوهم ولاتقتلوهم، ومَنْ قرأ ولاتقتلوهم أراد القتال أيضاً ويدُلُّ عليه قوله: تعالى بعد ذلك {فاقتلوهم}.
الرَّفَث الجماع وما يريد الرجل من المرأة، والفسوق قيل: هو السباب، والجدال المراء، فالرفع والتنوين على وجهين:
أحدهما: أنَّ (لا) بمعنى ليس أي: ليس رفثٌ ولا فُسوقٌ، والخبر محذوف والتقدير كائناً في الحج فهذا خبر، ومعناه النهي أي: لا يكن رفث ولا فسوق في الحج، والوجه الثاني الرفع بالابتداء والخبر مقدَّرٌ وتقديره: لارفث ولافسوق في الحج، والفرق بين هذا وبين الأول أنَّ ذاك خبر ليس وهذا خبرُ المبتدأ، ووجه قراءة النصب أنه بناه مع (لا) لأنها تدخل على النكرة العامة فتبنى معها فيصيران بمنزلة خمسة عشر، وإنما بُنِيَت النكرة معها على الفتح، لأنها ناقضت (إنَّ) وهم يعطون الشيء حكم نقيضه وذلك أنها للنفي وإنَّ للإثبات؛ فقالوا: لارجل كما قالوا: إن مالاً وإنما جُعلا بمنزلة