للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فلعلَّه حذف ألف (ها)؟ قيل: هذا من الحروف التي لا يحذف منها؛ فإن قيل: فما باله حقَّق الهمزةَ، ومِنْ مذهبه التسهيل كما في أأنذرتهم؟

قيل: أغناه عن ذلك إبدالُ الأولى (هاءً)، وأما ورش فالدليل على أنها على مقتضى قراءته مبدلة من همزة أنه سهلها، ولو كانت هاء التي للتنبيه لم تقتض ذلك التسهيل كما لم يقتض في هؤلاء، وأيضا فإنَّ الأصبهاني روى عن أصحابه عنه تحقيق الهمزة بعد الهاء من غير ألفٍ بينهما كقراءة قنبلٍ، فلو كانت للتنبيه لأتى بألفٍ بعدها.

١٦ - وَيَحْتَمِلُ الوَجْهَينِ عَنْ غَيْرِهِمْ وَكَمْ … وَجِيهٍ بِهِ الوَجْهَينِ لِلكُلِّ حَمَّلا

«عن غيرهم» وهم: قالون، وأبو عمرو، وهشام تحتمل قراءتهم أن تكون الهاء فيها مبدلةً من همزة لأنهم يفصلون بين الهمزتين بألفٍ، وأن تكون (هاء) التي للتنبيه دخلت على (أنتم) فلما اتصلت بها وصارت لشدِّة الاتصال كأنها من نفس الكلمة صارت الهمزة في حكم المتوسطة، فخففها قالون، وأبو عمرو لأنَّ تخفيف الهمزة المبتدأة ضعيف/ وتخفيف المتوسطة قويٌّ كما سبق، ولهذا المعنى بعينه خُفِّفَت الهمزة الداخلة عليها همزةُ الاستفهام (١).

فإن قيل: تخفيف الهمزة تقريبٌ من السَّاكن فكيف يَصِحُّ ذلك بعد الألف؟

قيل: إذا جاز أن يقع الساكن بعد الألف في نحو: {دابة} (٢) فالهمزة المخففة أولى وقوله: «وكمْ وجيهٍ به» أي: بالهاء حمل الوجهين للجميع أي: جعله محمَّلاً للوجهين لجميع القراء؛ والأول هو الأحسن، فيجوز هذا في


(١) انظر: الحجة ٣/ ٤٦.
(٢) الآية ١٦٤ من سورة البقرة وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>