للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢١ - فَمِنْهُمْ بُدُورٌ سَبْعَةٌ قَدْ تَوَسَّطَتْ … سَمَاءَ العلَى والعَدْلِ زُهْرَاً وكُمَّلا

أشار بقوله فمنهم إلى كثرتهم. وفيه تنبيهٌ على مخالفة مَنْ قال بخلاف ذلك وردٌّ لقوله، وقد وقع في ذلك قومٌ من ضعفاء القراء، ولم ينتبهوا لموضع الغلط، والغائلة فيه، وأصل ذلك إنما وقع به أهل البدعة الذين يزعمون أنَّ القرآن زيد فيه ونقص منه وغُيِّرَ عما كان عليه، وإنما صحت في زعمهم هذه الدعوى بناءً منه على أنه لم يحفظ القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا عددٌ يسير، وتعلقوا بحديث أنس بن مالك: جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعة، وفي أخرى عنه لم يجمع القرآن على عهد رسول -صلى الله عليه وسلم- إلا لأربعة: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبلٍ، وزيد بن ثابت، وأبو زيدٍ، وفي أخرى: وأبوالدرداء (١) وما ذكروه من الزيادة والنقصان باطل بقوله تعالى {إنَّا نحنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لحَفِظُون} (٢)، فما تكفل الله تعالى بحفظه فالزيادة فيه والنقص منه محالٌ، وأما حديث أنس بن مالك فلاحجة فيه.

وأما قوله: جمع القرآن أربعة فإنه لا يمنع من أن يجمعه غيرهم، وأما الرواية الأخرى فلابد من تأويلها لأنَّ جماعةً من الصحابة رضوان الله عليهم غير هؤلاء قد كانوا جمعوا القرآن كأبي بكر، وعمر، وابن عمر، وعبد الله بن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وقد سأل عبد الله بن عمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: في كم يختم القرآن؟

فقال: في كلِّ سبعٍ، قال: فمازلت أناقصه حتى قال: في يومٍ وليلةٍ (٣).


(١) صحيح البخاري باب القراء من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ٣/ ٢٢٨.
(٢) الآية ٩ من سورة الحجر.
(٣) الروايات وقفت عليها في مصادر السنة هي «في كل ثلاث» أما هذه فلم أقف عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>