للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأتي بها بعدها مدَّة مطولة لأجل الساكن بعدها وأراد بقوله: «مُسَهِّلا» مذهبي ورش البدل وبين بين ومقصوده بذلك أن يفصله من قنبلٍ.

فإن قيل: هذه الهمزة قد تغيَّرت في مذهب قالون والدوري بالتسهيل، فإذا قدرتم لهما التنبيه في (ها) فينبغي ألا تمدُّوا لتَغَيُّرِ الهمزة، وعلى تقدير أنها مبدلة من همزة فينبغي أن لا يَمُدَّ مَنْ مدَّ لأنَّ الفصل لكراهية اجتماع المثلين وقد زال ذلك بالبدل.

قيل له: التسهيل عارضٌ والتحقيق مراد فلا يمنع العارض ما ثبت بالأصالة، والبدلُ قد يكون في حكم ما أُبدِل منه، وقد قال الأخفش: لو سميت بأُ صَيْلال لم تصرفه لأنَّ النُّون منويةٌ مرادةٌ، واللام في حكمها.

١٨ - وضُمَّ وَحَرِّكْ تَعْلمُونَ الكِتَابَ مَعْ … مُشَدَّدَةٍ مِنْ بَعْدُ بِالكَسْرِ ذُلِّلا

«ضُمَّ» يعني التاء، «وحرِّك» يعني فتح العين، «مع مشددة من بعد بالكسر» يعني اللام، وقوله: ذلل أي: قُرِّب في المعنى حتى فهمه كلُّ أحدٍ كما تُذَلَّل الثمرة أي: تُنَكَّس وتُقَرَّب فينالها القصير والصغير؛ لأنَّ «الربانيون» جاء في معناهم الذين يُربُّون الناس بالتعليم، كما قال محمد بن الحنفية (١) يوم مات ابن عباس: «اليوم مات رباني هذه الأمة».

أي: كونوا ربانيين بفعلكم هذا؛ وقيل: الرباني منسوب إلى الرب سبحانه، والألف/ والنون تزاد في النسب للمبالغة كما يقال للكبير اللحية: لَحْياني، وللغليظ الرقبة: رَقَباني.


(١) محمد بن علي بن أبي طالب، أبو القاسم بن الحنفية، رأى عمر وروى عن أبيه، وعثمان، وعمار، وأبي هريرة -رضي الله عنهم- وهو من خيار التابعين، روى عنه بنوه إبراهيم، وعبد الله، وأبو جعفر الباقر، توفي سنة ثلاث وسبعين.
غاية النهاية ٢/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>