للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢ - وحيثُ الفَتَى يَرْتَاعُ في ظُلمَاتِه … مِنْ القَبرِ يَلْقَاهُ سَنَاً مُتَهَلِّلا

راعه يرُوعه رَوْعاً، فارتاع: أي: أفزعه، ومنه يوم الرَّوْع. والسَّنا بالقصر: الضوء و {سَنا بَرْقِهِ} (١) من ذلك، وتهلل وجهه: إذا أظهر فيه البشر

والبشاشة وأثر السرور. و «سنناً» منصوبٌ على الحال من الضمير المستتر في يلقاه ويكتب بالألف لقولهم: سَنَوان.

فأما النبت المعروف بالسنا فحكى أبو زيد فيه الواو والياء فيكتب بالياء والألف، ولك أن تجعل «متهللا» صفةً للسنا وحالاً بعد حالٍ من الضمير المذكور. أي: يلقاه باشَّاً، والقبر موضع الروع، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سعد بن معاذ -رضي الله عنه-: «هذا الذي تحرك له العرش وفُتحت له أبواب السماء وشهده سبعون ألفاً من الملائكة لقد ضُمَّ ضمةً ثم فُرج عنه» (٢) يعني: ضمة القبر.

وكان عثمان -رضي الله عنه- إذا وقف على قبرٍ بكى حتى تبتلَّ لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار ولا تبكي وتبكي من هذا، فقال: إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن القبر أول منزلٍ من منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشدُّ منه» (٣)، قال: وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما رأيت منظراً قطُّ إلا والقبر أفظع منه» (٤)، وعن أسماء بنت أبي بكر رضي


(١) الآية (٤٣) من سورة النور.
(٢) سنن النسائي باب الجنائز ضمة القبر ٤/ ١٠٠.
(٣) سنن الترمذي كتاب الزهد ٤/ ٥٥٣.
(٤) رواه الحاكم وتعقبه الذهبي بأن بجيراً ليس عمدة لكن منهم من يقويه. وصححه السيوطي. فيض القدير ٥/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>