للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الطعن والردِّ حتى قال بعضهم (١): «إنَّ ذلك لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر لكان سَمِجَاً مردوداً، كما سَمُجَ ورُدَّ:

زجَّ القلوص أبي مزادة

فكيف به في الكلام المنثور، فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته؟ قال: والذي حمله على ذلك أنْ رأى في بعض المصاحف شركائهم مكتوباً بالياء، ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء، لأنَّ الأولاد شركاؤهم في أموالهم لوجد في ذلك مندوحةً عن هذا الارتكاب».

وقال أبو علي (٢): «وهذا قبيحٌ فقيل في الاستعمال ولو عدِل عنها يعني ابن عامر إلى غيرها كان أولى، لأنهم إذا لم يجيزوا الفصل بين المضاف


(١) القائل هو الزمخشري في تفسيره. انظر: تفسيره ١/ ٥٣٠.
قال ابن حيان بعد نقله طعن الزمخشري: وأعجبُ لعجميٍّ ضعيفٍ في النحو يردُّ على عربيٍّ صريحٍ محض قراءة متواترة، موجودٌ نظيرها في لسان العرب، وأعجب لسوء ظنِّ هذا الرجل بالقراءة الأئمة الذين تخيرتهم هذه الأمة لنقل كتاب الله شرقاً وغرباً.
البحر المحيط ٤/ ٢٣٠.
قال الإمام أحمد بن محمد الإسكندري علاحاشية الكشاف عند هذا الموضع: لقد ركب المصنف في هذا الفصل متن عمياء وتاه في تيهاء، وأنا أبرأ إلى الله، وأبرئ حملة كتابه وحفظة كلامه مما رماهم به، فإنه تخيل أنَّ القراءة أئمة الوجوه السبعة اختار كل منهم حرفاً قرأ به اجتهاداً لانقلاً وسماعاً، فلذلك غلط ابن عامر في قراءته، وهذا كله ظنٌ من الزمخشري أن ابن عامرٍ قرأ قراءته هذه رأياً منه، وكان الصواب خلافه، والفصيح سواه، ولم يعلم الزمخشري أن هذه القراءة قرأها رسول -صلى الله عليه وسلم- على جبريل كما أنزلها وتناقلتها الأمة خلفاً عن سلفٍ، فهذا معتقد أهل الحقِّ فلامبالاة بعدها بقول الزمخشري ولابقول أمثاله.
انظر: الكشاف للزمخشري ١/ ٥٢٩.
(٢) الحجة ٣/ ٤١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>