للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الآخرة فلم يُغْنِهم لعدم ذلك فيهم بل عُقِّبَ بقوله: {انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا} (١)، والخفض على البدل أوالوصف، أو عطف البيان.

٣ - نُكَذِّبُ نَصبُ الرَّفْعِ فَازَ عَليمُهُ … وفي ونكُونَ انَصِبْهُ في كَسْبِهِ عُلا

معنى «فاز عليمه» لأنَّ نَصَبَه على الجواب بالواو في التمني، كما تقول: ليته

جاء وأُطْعِمَهُ؛ وجواب التمني يكون بالفاء والواو؛ وخالف في ذلك ثعلب وقال: لايكون إلا بالفاء وتقديره: ياليت ردَّنا وقع وأن لانكذب، و (نكونَ) بالنصب معطوف على (نكذب)؛ وفي الرفع وجهان:

أحدهما: الاستئناف قال سيبويه (٢): «هو على قولك فإنا لا نكذب كقولك: دعني ولا أعود. أي: فإني ممن لا يعودُ، ولم يُرد أن تسأل أن يجمع له الترك وأن لايعود».

فإن قيل: فالكذب لا يجوز في الآخرة وقد أُخْبَروا أنهم لا يعودون، وقد قال الله تعالى: {وإنَّهم لكَاذِبون} (٣).

قيل: معناه وإنَّهم لكَاذِبون، استأنف ذمَّهم بالكذب الذي هو عادتهم وشأنهم في قولهم: أساطير الأولين وانتهى الكلام عند قوله: لمَّا نُهوا عنه، ويجوز أن يكونوا صمَّمُوا في تلك الحال على أنهم لو رُدُّوا لما عادوا إلى الكفر لما شاهدوه؛ وأخبر الله تعالى أنَّ قولهم في تلك الحال (و لانكذِّبُ) وإن كان عن اعتقادٍ وتصميم إلا أنه يتغير على تقدير الرد ويقع العود فيصير قولهم: (ولا نكذب كذباً) كما يقول اللص إذا شاهد العقوبة: لا أعود. وهو يعتقد ذلك عند أَلَمِ العقوبة؛ ويخبر عن اعتقاده ثم يعود فيكون كاذباً.


(١) الآية ٢٤ من سورة الأنعام.
(٢) انظر الكتاب ٣/ ٤٤.
(٣) الآية ٢٨ من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>