للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وبعد» مبني لشبه الحرف لأنّ الحرف ناقص معناه في غيره، والظرف كقبل، وبعد لا يفيد إلا مضافاً، فإذا حذف ما يضاف إليه بقي ناقصاً، فأشبه الحرف من حيث صار معناه في غيره فَبُني، وإنما بُني على الضمِّ لأنه صار غاية بعد أن كان وسطاً فأعطى غاية الحركات في الثقل، ومعناه: وبعد هذه البَدْأة.

٦ - وأَخْلِقْ بِهِ إذْ لَيسَ يخْلَقُ جِدَّةً … جَدِيدَاً مُواليْهِ عَلَى الجِدِّ مُقْبِلا

أي: فجاهد به حبل العدا وما أولاه، كما تقول: اجعل زيداً لمهمَّا تك وما أخلقه.

وللتعجب لفظان: أَفْعِلْ به، وما أفعله، فلفظه في أحدهما لفظ الأمر، والفرق بينه وبين الأمر لزوم الباء له في كل أحواله، وبقاء لفظه/ على حاله والمخاطب جمع ومؤنث، فهو إذاً خبر بلفظ الأمر، وجاز ذلك كما جاء الدعاء بلفظ الخبر، وقد قيل في الفرق بينه وبين ما أفعل أنه تعجب هاهنا ودعا غيره إلى التعجب، وثَمَّ تعجب فقط «إذ ليس يخلق جدة» أي: لا تبلى جِدته كما جاء في الحديث.

ويقال: أخلق الشيء يخلَق [وخَلق يَخلُق] [*] إذا بَلِي وما لا تبلى جدته خليق أن يجعل عدةً في مجاهدة العدا.

و «جديداً» فعيل من الجِدّ وهو يكون بمعنى الرفعة والعز. وفي القرآن العزيز {وأنه تَعَالى جَدُّ ربِّنَا} (١) كأنه قال: عزيزاً رفيعاً يعني: القرآن.

و «مواليه»: ملازمه، والجد في الأمر الاجتهاد فيه، و «جِدّةً» منصوب على التمييز، و «جديداً» على الحال من الضمير في يخلق ولا يكون


(١) الآية (٣) من سورة الجن.

[*] (تعليق الشاملة): ما بين المعكوفين سقط من المطبوع، وأثبتناه من ط الرشد (١/ ٧٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>