للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «بحرفيه يطوع» يعني قوله تعالى {أن يَطَّوَّف بهِمَا ومَن تَطَوَّعَ} (١)، وقوله سبحانه بعد ذلك {فمن تَطَوَّعَ خيراً فهو خَيرٌ له} (٢) ومَنْ قرأ (يطّوّع) قلب التاء طاء وأدغمها في الطاء والأصل يتطوع، وجعله فعلا مستقبلاً واختاره قوم لأنَّ الكلام شرط وجزاء فالمستقبل فيه هو الأصل، ومن قرأ (تطوّع) جعله فعلاً ماضياً فإما أن يكون ماضياً في المعنى ويكون (من) بمعنى الذي، والتقدير والذي تطوع فيما مضى خيراً فهو خيرٌ له، وكذلك والذي تطوع فيما مضى خيراً فإنَّ الله شاكر عليم، [أو يكون معناه الاستقبال وتكون من شرطية] (٣) واختار هذا قومٌ لأنه أخفُّ في اللفظ؛ والقراءتان ثابتتان.

٤٦ - وفي التَّاءِ ياءٌ شَاعَ وَالرِّيحَ وَحَّدَا وَفي … الكَهْفِ مَعْهَا وَالشَّرِيعةِ وَصَّلا

قوله: «وفي التاء» أي: وفي موضع التاء ياء، وقوله: «شاع» أي: انتشر واشتهر يعني ماذكرته من كون المستقبل في الشرط والجزاء أولى، وأما الريح فمن وحَّدَ فيحتمل أن يُراد به الجنس فيرجع إلى معنى الجمع فالريح/ يقوم مقام الرياح.

قال بعضهم: ولذلك أنثت لأنَّ معناها الجماعة، ومن قرأ الرياح بالجمع فلأنه جمع ريح، والمراد الرياح المختلفة المجاري في مهابها مشرقاً ومغرباً وغير ذلك؛ واتفقوا على توحيد المنكَّر من ذلك كقوله: {ولَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً} (٤) وأما مافيه الألف واللام فالخلاف منه في أحد عشر موضعاً وستأتي مبينةً في الأبيات.


(١) الآية ١٥٨ من سورة البقرة.
(٢) الآية ١٨٤ من سورة البقرة.
(٣) مابين المعقوفتين ساقط من (ع).
(٤) الآية ٥١ من سورة الروم.

<<  <  ج: ص:  >  >>