للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حساباً، وصُمتُ صياماً ولَقِي لِقَاءً والمعنى فيهما واحد يقال: دفع الله عنك، ودافع عنك قال الشاعر (١):

ولقد حَرِصْتُ بأن أدافعَ عنهم … وإذا المنية أقبلت لا تُدفعُ

وقال أبو عُبيدٍ: الاختيار دفع لأنَّ الله ليس يغالبه أحدٌ إنما هو الدافع وحده. قلت: ومعلوم أنَّ الناس يدافع بعضهم بعضاً والله فاعل ذلك على الحقيقة فالدفاع منه فلا مَطْعَنَ لأبي عُبَيدٍ بعد هذا، وقد قدَّمتُ أيضاً أنَّ ذلك قد يكون من الواحد وقال الله تعالى: {قاتلهم الله} (٢) وتقدَّم أيضاً أنه يجوز أن يُسْتَعْمَل في موضع الدفع؛ فهذه ثلاثة أوجه تَرُدُّ ما قال: قال ابن النحاس (٣): هكذا قرأتُ على أبي إسحاق في كتاب سيبويه أن يكون دفاع مصدر دفع.

وغُرْفة بالضم والفتح يتقاربان في المعنى يقال: غَرَفْتُ غِرْفَة وفي الإناء غُرْفة، وحَسَوتُ حَسْوة، وفي الإناء حُسْوةٌ، سواءٌ اغترف غَرْفةً بيده وهي المرة الواحدة أو أخذ غُرْفة وهي مِلء يده، ولاوجه لقول من قال: غَرْفة بالفتح أولى من غُرْفة بالضم لأنَّ الفتح يقتضي المرة الواحدة، والضم يقتضي ملء الشيء.

ومعنى الكلام: التقليل فالفتح أولى لأنَّ غُرْفة باليد وغَرْفة لا تفاوتَ بينهما، وقول النحاس (٤): إنَّ الغرفة ملء الشيء/ فيتناول القليل والكثير غَلِطَ فيه وذهِلَ عن قوله: (بيده) وتابعه المنبجي على ذلك.

وقوله: «ضم ذو ولا» أي: ذو ولاءٍ للضم وهو مصدر وَلِي يلي وَلاءً.


(١) البيت لأبي ذؤيب الهذلي. انظر: ديوان الهذليين ١/ ٢، والحجة للقراء السبعة ٢/ ٣٥٣.
(٢) الآية ٣٠ من سورة التوبة.
(٣) إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس ١/ ٣٢٨.
(٤) إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس ١/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>