للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩ - وخَفَّفَ نُونَاً قَبْلَ في الله مَنْ لَهُ … بخلْفٍ أَتَى والحذْفُ لم يَكُ أَوَّلا

قوله: «قبل في الله» أراد به {أتحاجُّوني في الله} (١) ومثل هذه الكلمة لا يقع في العروض إلا في المتقارب نحو: وكان التقاصُّ؛ فلذلك قال: «قبل في الله».

ومعنى «مَنْ له بخلفٍ أتي» أي: من له أتى التخفيف أي: ورد. «والحذْف لم يك أولا» أي: إنَّ أصل ذلك أتحاجونني بنونين: الأولى علامة رفع الفعل، والثانية فاصلة بينه وبين الياء واجتماع المثلين مستقلٌ، فمَن شدَّد أدغم إحداهما في الأخرى طلباً للتخفيف؛ ومَنْ خفَّفَ حذف.

وقد زعم مكيٌّ (٢): «أنَّ الحذف بعيدٌ في العربية قبيحٌ مكروهٌ إنما يجوز في الشعر لضرورة الوزن؛ والقرآن لا يحتمل ذلك إذ لا ضرورة تلجاء إليه؛ قال: وقد لَحَّن بعضُ النحويين مَنْ قَرَأَ به لأنَّ النون الثانية وقايةٌ للفعل لئلا تتصل به الياء فيُكْسَرُ آخره فيغيَّر فإذا حذفتها اتصلت الياء بالنون، التي هي علامة الرفع، وأصلها الفتح، فغيرتها عن أصلها وكسرتها، فتغير الفعل ثم اختار التشديد».

فلهذا الذي أورده مكيٌّ، قال: «من له أتى» أي: من صحَّ عنده ذلك وأتاه [نقلاً] (٣) في التلاوة والعربية؛ فإنَّ سيبويه (٤) استشهد بهذه القراءة في جواز حذف النونات كراهةَ التضعيف، وقد قيل: إنها لغةٌ لغطفان وأنشد سيبويه (٥):


(١) الآية ٨٠ من سورة الأنعام.
(٢) الكشف عن وجوه القراءات السبع ١/ ٤٣٧
(٣) قوله: [نقلاً] في (ش) زيادة [نقلاً عنه].
(٤) انظر الكتاب ٣/ ٥٢٠
(٥) البيت لعمرو بن معد يكرب. انظر: ديوانه ص ١٧٣، والكتاب ٣/ ٥٢٠، شرح أبيات المغني ٧/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>