المستهمين على كفالتها؛ وفي التخفيف إسناد الفعل إلى زكريا، لأنَّ الله سبحانه لما كفله كفلها وهما في المعنى متقاربان.
وقوله:«وسكَّنُوا وضعْتُ» يعني تسكين العين، «وضمُّوا ساكناً» يريد سكون التاء، و «كفلا» جمع كافل، والكلام كلُّه مستوفٍ في هذه القراءة على نمط واحد رب إني وضعتها أنثى وأنت أعلم بما وضعت، وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم.
وقد قال قوم: بأنَّ تلك القراءة أصحُّ في المعنى قالوا: لأنها قالت: رب إني وضعتها أنثى فكيف يقول بعد ذلك والله أعلم بما وضعت (١)؟
وليس الأمر كمازعموا إنما هذا كقول القائل: رب إني مسني الضر وأنت أعلم فلا يحتاج سائلك إلى إخبارٍ أو شرح حالٍ، و القراءة الأخرى تحتمل أن تكون من كلام أمِّ مريم أي: والله أعلم بما وضعت أَمَتُك، وهو الأحسن فيما أرى، والله أعلم ليتحِدَ معنى القراءتين.
وقد قيل: هو كلام مُعْتَرِض خاطبنا الله تعالى به في أثناء القصة، ثم رجع الكلام إلى استتمام الحكاية.
زكريا اسمٌ أعجميٌّ وللعرب فيه أربع لغاتٍ، فَمِنْ أهل الحجاز مَنْ يَمُدُّه، ومنهم من يقصر وبهما نزل القرآن، وأهل نجد يقولون: زَكَريٌّ فيحذفون ألفه وينونونه على لفظ النسب، وحكى الأخفش لغةً رابعةً زَكْرٍ مثل: عَمْرو، وقال أبو حاتم: زكري لا ينصرف لأنه أعجمي؛ وغلط في
(١) قرأ شعبة وابن عامر {وضعت} بتسكين العين وضم التاء، وقراءة الباقين بفتح العين.