للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الزّجاج (١): تَخِذْتُ بمعنى اتَّخَذْتُ، وأصل اتَّخَذْتُ أَخَذْتُ. يعني: أنه افتعلت مِنْ أَخَذَ، ويَحْتَمِل أن يكون افتعل من تَخِذَ يَتْخَذُ مثل: اتبع مِنْ تَبِعَ يَتْبَعُ، قال بعضهم: وليس من الأخذ في شيءٍ.

وإن جعلناه افتعل مِنْ أَخَذَ كما قال الزّجاج، كان الأصل اِأْتخذ فقُلبت الهمزة الثانيةُ ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها، فصار ايتخذ فاستثقلوا الياء بعد كسرةِ الهمزة، فأبدلوا منها حرفاً أجلد منها موافقاً للذي بعده في مخرجه وهو التاء، ثم أدغموا فقالوا: اتَّخَذَ يَتَّخِذُ فهو مُتَّخِذٌ، وحداهم على إبدال الياء أيضاً، أنهم لو قالوا في الماضي: ايْتَخَذَ لقالوا في المستقبل: ياتَخِذُ، وفي اسم الفاعل: مُوَتخِذٌ، فكانت ياءً تارةً وألفاً تارةً، وواواً تارةً، وذلك مُسْتَوْحَشٌ.

١٩ - ومِنْ بَعْدُ بالتَّخْفِيفِ يُبْدِلُ ههُنَا … وفَوْقَ وتَحْتَ المُلْكِ كَافِيهِ ظَلَّلا

المبرِّد: بدَّلْتُ وأبْدَلْتُ بمعنىً واحدٍ، وأبو عمرو يحتج بقوله تعالى: {وإِذَا بَدَّلْنَا آيةً مَكانَ آيةٍ} (٢)، و {لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله} (٣)، وقال ثعلب: التبديل تغيير الصورة إلى غيرها، والجوهرة بعينها، والإبدال تنحية الجوهرة واستئنافُ أخرى، وأنشد لأبي النجم (٤):

* عَزْلَ الأميرِ للأمير المبْدَل *

قال: ألا تراه يجيء جسماً وجعل مكانه آخر، وقال الله تعالى: {بَدَّلْنَاهُم جُلُودَاً غَيْرَهَا} (٥) فتغيرت الصورة دون الجوهرة، واحتجَّ/ المبرِّد بقول الله تعالى: {يُبَدِّلُ الله سَيَّآتِهِم حَسَنَتٍ} (٦) فقد أزال السيئات


(١) هذا رجز لأبي النجم. وهو في اللسان (بدل) ٥٠/ ١٣، والحجة ٢/ ١٦٥.
(٢) الآية ١٠١ من سورة النحل.
(٣) الآية ٣٠ من سورة الروم.
(٤) معاني القرآن للزجاج ٣/ ٣٠٧.
(٥) الآية ٥٦ من سورة النساء.
(٦) الآية ٧٠ من سورة الفرقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>