للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩ - وَقَدْ كُسِيَتْ مِنْهَا المعَانِي عِنَايةً … كَمَا عَرِيَتْ عَنْ كُلِّ عَوْرَاءَ مِفْصَلَا

«عن كل عوراء» أي: كل كلمة عوراء، والعوراء الكلمة القبيحة، قال (١):

وأغفِرُ عَوراء الكريم ادِّخاره … ...............

و «مفصلاً» منصوب على التمييز جعلها حسناء ميمونة الجلا، منزهة المفاصل عن العيوب، والمفصل هاهنا القافية، وغيره ينظم أرجوزةً فيضطره النظم إلى أن يأتي في قوافيها ومقاطعها وأجزائها بما تَمُجُّه الأسماع.

٣٠ - وَتَمَّتْ بِحَمْدِ اللهِ فِي الْخَلْقِ سَهْلَةً … مُنَزَّهَةً عَنْ مَنْطِقِ الْهُجِرِ مِقْوَلَا

سهولةُ خُلْقها أنَّ كل أحدٍ ينقل منها القراءة إذا عرف رموزها، وينال منها الغرض من غير صعوبة ولا كُلْفةٍ

٣١ - وَلَكِنَّهَا تَبْغي مِنَ النَّاسِ كُفْؤَهَا … أَخَا ثِقَةٍ يَعْفُو وَيُغْضِي تَجَمُّلَا

لم يجعل كفئاً لها إلا من كان موصوفاً بهذه الصفات لأنه إذا كان أهلاً لانتقادها فهو عالم، وحينئذ يرى فيها من الفوائد والغرائب ما يغضي معه عن شيءٍ يراه، أو لا يعجبه منها.

٣٢ - وَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ ذُنُوبُ وَلِيِّها … فَيَا طَيِّبَ الأَنْفَاسِ أَحْسِنْ تَأَوُّلَا

«وليس لها عيبٌ إلا ذنوبُ وليها» (٢) يقول: الغرض بها أن ينفع الله بها عباده، وينفع بالتعب عليها قائِلَها، فإذا كان مذنباً عاصياً خشي أن يُخْمِل الله علمه فلا ينتفع به أحد.

٣٣ - وَقُلْ رَحِمَ الرَّحْمنُ حَيّاً وَميِّتاً … فَتىً كَانَ للإنْصَافِ وَالحِلْمِ مَعْقِلَا

رحمه الله ورضي عنه، وأثابه على نصحه وجِدِّه، فلقد كان كما وصف نفسه معقلاً للحلم والإنصاف.


(١) البيت لحاتم الطائي وتمامه: «وأعرض عن شتم اللئيم تكرماً» انظر ديوانه: ١٠٨، والكتاب ٣/ ١٢٦، وابن يعيش ٢/ ٥٤٣، واللسان عور ٤/ ٦١٥.
(٢) هذا تواضع من قبل الناظم بعد العطاء الغزير والفتح العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>