للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الشين في قوله: {واشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبَاً} (١) وقد اختلف فيه فروى ابن اليزيدي، عن أبيه، عن أبي عمروٍ إدغامه لتقاربهما في الهمس، ولأنَّ الشين أقوى بما فيه من التفشِّي الذي يتصل به إلى مخرج الطاء، وإدغامُ الأضعف في الأقوى هو قضية

الإدغام، واختيارُ ابن مجاهدٍ رحمه الله الإخفاء فيه وهو بين الإظهار والإدغام، وأيضاً فإنَّ القارئ يحتاج بعد النطق بالسين أن يبتدئ بالشين لقوَّته بقوةٍ وهِمَّةٍ ليعطيه حقه من الإظهار، وذلك يزول بالإدغام، وعلى الإدغام عوَّل أبو عمروٍ الحافظ رحمه الله قال: وبه قرأت وبه آخذ؛ فهذا معنى قوله: «باختلافٍ توصَّلا»، وقد وقع الإجماع على إظهار {إنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً} (٢) لخفَّة الفتحة.

١٣ - وَلِلدَّالِ كِلْمٌ تُرْبُ سَهْلٍ ذَكَا شَذَا … ضَفَا ثَمَّ زُهْدٌ صِدْقُهُ ظَاهِرٌ جَلا

يعني أنَّ للدال أحرفاً يُدْغم فيها، وقد جمعها في أوائل الكلمات من قوله: «تُرْبُ سَهلٍ»، ومعنى هذا الكلام: «ترب»: سهل بن عبد الله التستري (٣)،/ «ذكا شذا» أي: عَبَقَ طيبه، والشذا حِدَّة الطيب، «ضفا» أي: طال، «ثَمَّ» أي: هناك، «زهدٌ صدقُهُ» أي: صدق ذلك الزهد، «ظاهر» أي: بَيِّنٌ مكشوف، «جلا» أي: أراد جلاءً، وهو منصوبٌ على التمييز.


(١) الآية (٤) من سورة مريم.
(٢) الآية (٤٤) من سورة يونس.
(٣) أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى التُسْتَري أحد أئمة الزهد والسلوك لم يكن له نظيرٌ في المعاملات والورع وكان صاحب كراماتٍ، لقي الشيخ ذا النون المصري. توفي سنة ثلاثٍ وثمانين.
(وفيات الأعيان ٢/ ١٨٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>