والمعنى أنَّ طيب قراءة هذا القارئ أفزع قلب الغاوي، وكذلك جرى شرط قراءة من كان ضارعاً خاشعاً أن يُيَسِّر من سمعها لليسرى، والنَّوْفل الكثير العطاء، فكان هذا القارئ لاح كثير الفوائد.
«رعى طُهر دين» أي: رعى هذا القارئ طهارة دين أي: عادة «تمه» أي: أتمه، يقال: تمّ الله عليك النعمة وأتمها أي: أتم ذلك الطهر.
«ظل» شيخ، «ذي ثناء» حَسَنٍ، «صفا»«سجل» زهده في جماعة وجوه، والوجوه أشراف القوم، والملا الأشراف أي: شِرَاف بنو شِراف.
«وغنة تنوين» مبتدأ، و «في الأنف تجتلى» الخبر أي: ثم تُكْشَفُ، وحروف الغنة: النون، والتنوين، والميم.
والغنة: صوت يخرج من الخياشيم، وتسمى الغنةُ: النون الخفيفة، ومعنى «أن سكنَّ» أي: تظهر الغنة فيهن إن سكن، فإن تَحَرَّكْنَ صار العمل فيهن لِلِّسان والشفتين دون الأنف، وكذلك إن أُظْهِرَت النون أو التنوين عند حروف الحلق، فإن أُخفيت أو أُدْغمت بغنةٍ خرج الصوت من الخياشيم، فهذا معنى/ قوله:«إن سكن ولا إظهار».
فإن قلت: فقوله هذا يقتضي أنه متى سكنت هذه الحروف، ولم تُظهر ظهرت الغنة، وذلك يبطل بالإدغام بغير غنة.
قلت: إنما قال: إنَّ الغنة تكون مع سكون هذه الحروف حيث لا إظهار، وذلك صحيح، ولم يقل إنها متى سكنت ولم تظهر وجدت الغنة.
فإن قلت: إني إذا قلت: عن خلد وجدت في الأنف صوتاً، وقد قلتَ إنَّ الغنة لا تكون مع الإظهار.
قلت: الغنة إذا قلت: عَنْكَ ومِنْكَ لم يكن لها في الفم نصيبٌ إنما تخرج من الخياشيم، وإذا قلت: عن خالدٍ عن عامرٍ فالنون من الفم، والصوت