للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٣ - وأنَّ اكْسِرُوا رِفْقَاً وَيحْزُنُ غَيْرَ الانْـ … ـبِياءِ بِضَمٍّ وَاكْسِرِ الضَّمَّ أَحْفَلا

إنما قال: «رفقاً» وهو مصدر في موضع الحال لأنَّ بعض المتأخرين فضَّله واحتجَّ له بأنَّ قراءة الفتح إنما معناها يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضل، وبأنَّ الله قال.

ولا يَصِحُّ الاستبشار بأنَّ الله لا يضيع أجر المؤمنين لأنَّ الاستبشار لا يكون، إنما يكون بما لم يتقدم به عِلمٌ، وقد علموا قبل موتهم أنَّ الله لا يضيع أجر المؤمنين؛ فقال «رفقاً» أي: رافقين غير مغترين بقول هذا القائل فإنهم استبشروا بأنَّ الله ما أضاع أجورهم حين اختصهم بالشهادة، ومنحهم أتم النعمة، وختم لهم بالنجاة والفوز، وقد كانوا يخشون على إيمانهم، ويخافون سوء الخاتمة المحبطة للأعمال؛ فلما رأوا ما للمؤمنين عند الله من السعادة،/ وما اختصهم به من حسن الخاتمة التي تَصِحُّ معها الأجور وتضاعف الأعمال استبشروا؛ لأنهم كانوا على وَجَلٍ من ذلك.

ويجوز أن يكون استبشارهم لمن خلفوه بعدهم من المؤمنين لمّا عاينوا منزلتهم عند الله تعالى، أو رافقين محسنين الظنَّ بالكسائي، وأنه ما اختار الكسر إلا بعد نقله، قال الكسائي: إنما اخترت الكسر لأنَّ في مصحف عبد الله: «والله لا يضيع».

يقال: حَزَنَهُ الشيء يَحْزُنُه، وأحْزَنَهُ يُحْزِنُهُ لغتان صحيحتان، قال الخليل رحمه الله: ومعنى حَزَنْتُه: جعلت فيه حُزْنَاً كما تقول: دهنتُه أي: جعلت فيه دُهْنَاً وإذا قلت: أحزنته فمعناه جعلته حزيناً كما تقول أدخلته أي: جعلته داخلاً، وعلى ذلك قراءة نافع.

<<  <  ج: ص:  >  >>