للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو علي (١): من قال: فك رقبة، فالمعنى: وماأدراك مااقتحام العقبة، لا بد من تقدير هذا المحذوف، لأنك إن تركت الكلام على ظاهره كان المعنى: العقبة فك رقبة والعقبة عينٌ وفك حدث، والخبر ينبغي أن يكون المبتدأ في المعنى، فإذا لم يستقم كان المضاف مراداً، المعنى اقتحامُ العقبة فك رقبة، أو إطعام، ومثله: {وما أدراك مَا الْحُطَمَةُ} (٢) {نَارُ اللَّهِ} (٣) أي: الحطمة نار الله وكذلك {الْقَارِعَةُ} (٤)، {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ} (٥)، لأنَّ القارعة [مصدر] (٦) فيكون اسم الزمان خبراً عنه.

فهذه الجمل التي من الابتداء، والخبر تفسير لهذه الأشياء المتقدم ذكرها من اقتحام العقبة، والحطمة والقارعة، قال: ومعنى فلا اقتحم أي: لم يقتحم، وإذا كانت (لا) بمعنى (لَمْ) لَمْ يلزَمْ تكريرها، فإن تكررت في موضعٍ نحو: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} (٧) فهو مثل تكرر {لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} (٨).

وقوله: العقبة عين يعني أنها اسم لعين، وإن كانت هاهنا عبارة عن عتقٍ وإطعام، سمَّ الله ذلك عقبةً تشبيهاً بها.

قال الحسن: عقبة والله شديدةٌ مجاهدةُ النفس والهوى والشيطان، يعني أنَّ في العتق والإطعام ذلك، وجعل الدخول في ذلك ومحاولته اقتحاماً من القَحْمة وهي الشدة، وإنما قال: إنَّ (لا) لايلزم هنا تكريرها، لأنَّ (لا) لا تكاد تقع على الماضي غير مكررة إلا في الشذوذ كقوله (٩):


(١) الحجة ٦/ ٤١٤.
(٢) الآية ٥ من سورة الهمزة.
(٣) الآية ٦ من سورة الهمزة.
(٤) الآية ١ من سورة القارعة.
(٥) الآية ٤ من سورة القارعة.
(٦) مابين المعقوفتين سقط من (ش).
(٧) الآية ٣١ من سورة القيامة.
(٨) الآية ٦٧ من سورة الفرقان.
(٩) البيت لشهاب بن العيف العبدي، وقبله: «وكان في جاراته لا عهد له» وهو في ابن يعيش ١/ ١٠٩، والإنصاف ٧٧، والخزانة ٤/ ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>