للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصوت، وليس كالرخوة لأنَّ طرف اللسان لا يتجافى عن موضعه، وليس يخرج الصوت من موضع اللام، ولكنه من ناحيتي مُسْتَدِقِّ اللسان فويق ذلك.

قال: ومنها حرف شديد جرى معه الصوت، لأنَّ ذلك الصوت غنة من الأنف، وإنما تجريه من أنفك، واللسان لازمٌ لموضع الحرف لأنك لو أمسكت بأنفك لم يجرِ معه صوت وهو النون والميم.

قال: ومنها المكرر، وهو حرف شديد، جرى فيه الصوت لتكريره وانحرافه إلى اللام/ فتجافى للصوت كالرخوة، ولو لم يكرر لم يجر فيه الصوت، وهو الراء.

ثم قال صاحب القصيد: «ووايٌ حروفُ المد» والوَأْيُ: الوعد، ولكنه سَهَّل الهمز بالبدل لأنَّ حروف المد الواو والألف والياء سميت بذلك لامتداد الصوت معها إذا لقيها همزةٌ أو ساكن اختصت بذلك دون سائر الحروف.

قال سيبويه (١): وهذه الثلاثة أخفى الحروف لاتساع مخرجها، وأخفاهنَّ وأوسعهنَّ مخرجاً الألف، ثم الياء، ثم الواو.

«والرخو كَمَّلا» أي: كمَّل وأْيُ الرخو لأنه ذكر الشديدة، وما بين الشديدة والرخوة، وما بقي من الحروف فهو رخوٌ، ولمَّا ذكر حروف المد نبَّه على أنها من الرخوة، لئلا يظن ظانٌّ أنَّ الرخو ما سوى المذكور.

فإن قلت: فقد عَدُّوا حروف المد هذه مما بين الرخوة والشديدة، وجمعوها فقالوا: لم يروِ عَنَّا وولينا عمر.

قلت: الذي غرَّهم في ذلك أنَّ سيبويه لم يعدَّها حين عَدّ الرخوة، فظنوا أنها خارجة عنها، وقد صرح برخاوتها حين ذكرها، فقال: ومنها اللينة وهي الواو، والياء لأنَّ مخرجهما اتسع لهواء الصوت أشد من اتساع غيرهما، كقولك: وَرُو، فإن شئت أجريت الصوت ومددت.


(١) الكتاب ٤/ ٤٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>