للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الغنة الباقية في الميم فقال ابن كيسان وابن مجاهد: هي غنة النون أوالتنوين لأنه إذا جاز إدغامهما في الميم لأجل الغنة لم يجز أن يذهب ما أوجب الإدغام، وقال السِّيرافي (١) وغيره هي غنة الميم (٢) لأنَّ النون قد انقلبت إلى لفظ الميم فهي غنة الميم لا غنتها والإدغام هاهنا متمحض خالصٌ لأنَّ في كل واحدٍ من المدغم والمدغم فيه غنة فإذا ذهبت إحدى الغنتين بالقلب بقيت الأخرى فوجب الإدغام الصحيح مع بقاء الغنة إذ ليس إلى حذفها سبيل، ولذلك قال ابن مجاهد رحمه الله: لا يقدر أحد أن يأتي بعمن يعبر عنه من أجل غنة الميم.

وإذا أدغمت النون في النون تحولت إلى المدغم فيها لأنَّ مخرج النون المتحركة من الفم وذلك يمنع بقاء النون الساكنة خارجة من الخيشوم لما يؤدي إليه من اختلاف المخرجين.

وحُجة خلف في إسقاط الغنة عند الواو والياء أنَّ ذلك حقيقة الإدغام ليكمل التشديد وينقلب الأول من جنس الثاني ويدخل فيه من غير إبقاء أثر له، ولأنَّ ذلك أقل كلفة وأيسر مؤونة.

وحُجة الآخرين أنَّ بقاءها دلالةٌ على أصل الحرف المدغم الذي اختص بها وذلك يعتبر ما وجد إليه سبيل، وأجروا ذلك مجرى الإطباق الذي لابد


(١) الحسن بن عبدالله، أبو سعيد السيرافي النحوي المشهور القاضي، روى القراءة عن ابن مجاهد. توفي سنة ثمانٍ وستين وثلاثمائة.
(غاية النهاية ١/ ٢١٨)
(٢) قال ابن الجزري ذهب الجمهور إلى أن تلك الغنة غنة الميم والتنوين لانقلابهما إلى لفظها وهو اختيار الداني والمحققين وهو الصحيح.
(النشر في القراءات العشر ١/ ٢٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>