للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنَّ الراء لام الفعل فالألف قبله قريب من موضع التغيير، وهو الطرف فمن أمال هذا دون {بَلْ رَان} (١)، و {تَرَءا الجمعان} (٢)، {وسَارعوا} (٣)، و {نُسَارع} (٤) لهذه العلة، لأنَّ عين الفعل يبعد ما قبلها من الطرف فتغيير ما قرب من الطرف دون ما بعد منه أقيس، ولذلك قال: «تدعى حميداً وتقبلا» لأنَّ الإمالة فيه قويةٌ وبها يتشاكل الصوت بتقريب الألف من الياء المشاكلة للكسرة، فيزول الاستعلاء ويعمل اللسان في جهةٍ واحدةٍ.

[وقوله: «تدعى» مجزوم، ولكنه أثبت حرف العلة ضرورة عامله معاملة الصحيح كما قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي وَيَصْبِرْ} (٥).

وقوله: «وتُقْبَلا» أراد وتقبلن فأبدل من النون ألفاً في الوقف، والأصل تقبلن ولكنه قد تحذف اللام للضرورة وتبقى وتحذف النون وتبقى اللام إلا أنَّ سيبويه حذف النون، ومن حذف اللام وأبقى النون قول الشاعر (٦):

وقتيلَ مُرَّةَ أَثارنَّ فَإِنَّه … فَرْعٌ؛ وإنَّ أَخاهُمْ لمْ يُقْصَدِ

لم يقتصر على أنَّ نون التأكيد قد وقعت للضرورة في غير مواقعها التي هي القسم والأمر، والنهي، والاستفهام، والجزاء، قال الشاعر (٧):

ربما أوفيت في علَمٍ … ترْفَعْنَ ثوبي شَمالاتُ


(١) الآية (١٤) من سورة المطففين.
(٢) الآية (٥٦) من سورة المؤمنون.
(٣) الآية (١٣٣) من سورة آل عمران.
(٤) الآية (٥٦) من سورة المؤمنون.
(٥) الآية (٩٠) من سورة يوسف.
(٦) البيت لعامر بن الطفيل، وهوفي الحماسة ٢/ ٥٥٨، وهومن شواهد المغني برقم ٨٨٧، وخزانة الأدب ٤/ ٢١٦
(٧) البيت لجذيمة الأبرش يصف سرية أسري بها.
(المقتضب للمبرد ٣/ ١٥، الخزانة ٤/ ٥٦٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>