للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الفَجْرِ بِالوَادِي دَنَا جَرَيَانُهُ … وَفِي الوَقْفِ بِالوَجْهَينِ وَافَقَ قُنْبُلا

وَحَيْثُ أَتَاكَ القُدْسِ إِسْكَانُ دَالِهِ … دَوَاءٌ وَلِلبَاقِينَ بِالضَّمِّ أُرْسِلا

وَنَقْلُ قُرَانٍ وَالقُرَانِ دَوَاؤُنَا … وَفِي تُكْمِلُوا قُلْ شُعْبَةُ المِيمَ ثَقَّلا

انظر إلى هذه الأبيات كيف جمع القراءات فيها بإسلوب جميلٍ بديع، فقال: (بالوادي دنا جريانه) حيث ذكر جريان الوادي ليأتي برمز ابن كثير وهو (د) من (دنا)، وفي البيت الثاني أتى بكلمة القدس بإسكان الدال وهي قراءة ابن كثيرٍ، وأتى برمزه وهو الدال من (دواء)، وكذلك كلمة (قرآن والقرآن) في القرآن كله حيث قرأها ابن كثير بنقل الهمزة، وأتى بكلمة (دواؤنا) ليأخذ حرف الدال وهو رمز ابن كثير، وأتى بكلمة دواؤنا من الدواء وهو العلاج، ليبين أن القرآن دواء القلوب.

وبالجملة فإن القصيدة لو نظر وتأمل فيها أحد لاستخرج منها كنوزاً وفنوناً عديدة، فقد روى السخاوي عن شيخه الشاطبي أنه قال (١): «لو كان في أصحابي خيرٌ أو بركة لاستنبطوا من قصيدتي هذه مالم يخطر ببالي».

وقال أبو شامة في شرحه على الشاطبية (٢): رأيت الشيخ الشاطبي في المنام، وقلت له: ياسيدي حكى لنا عنك الشيخ أبو الحسن السخاوي أنك قلت: كيت وكيت، فقال: صدق.


(١) إبراز المعاني ٨.
(٢) مختصر الفتح المواهبي ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>