للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القريحة، مطرح التكليف، وافر الحرمة، كبير القدر، محبباً إلى الناس، ليس له شغلٌ إلا العلم والإفادة».

ولما جاء إلى دمشق وقرأ على علمائها لمع نجمه وعلا صيته، وأقبل الناس إليه يقرؤون، فصارت له حلقة بجامع دمشق، ثم ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح، وبها كان مسكنه.

وقد وصفه القاضي ابن خلكان قائلاً (١): «رأيته مراراً راكباً بهيمةً إلى الجبل - جبل قاسيون بدمشق - وحوله اثنان وثلاثة يقرؤون عليه دفعةً واحدة في أماكن من القرآن مختلفة وهو يرد على الجميع».

وقد أنكر الإمام الذهبي هذا العمل عندما ترجم للإمام السخاوي، فقال (٢): ما أعلم أحداً من المقرئيين ترخَّص في إقراء اثنين فصاعداً إلا الشيخ علم الدين، وفي النفس من صحة تحمل الرواية على هذا الفعل شيءٌ فإنَّ الله ماجعل لرجلٍ من قلبين في جوفه.

ولا ريب في أنَّ ذلك أيضاً خلاف السنة، لأنَّ الله تعالى يقول: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} (٣)، وإذا كان هذا يقرأ في سورة، وهذا في سورة، وهذا في سورة في آنٍ واحدٍ، ففيه مفاسد:

أحدها: زوال بهجة القرآن عند السامعين.


(١) وفيات الأعيان ٣/ ٣٤٠.
(٢) معرفة القراء ٢/ ٦٣٣.
(٣) الآية (٢٠٤) من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>