للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «ومن يتق زكا» أي: زكا في صحة نقله رداً على من عاب ذلك وأكثر القول فيه، وعدَّ قومٌ الاحتجاج له معضلاً، حتى قال الحصري:

وقد قرأ من يَتَّقِي قنبل … فانصر على مذهبه قنبلا

وأشار بقوله: «وافى كالصحيح معللا» إلى ما اختاره من الاحتجاج له، ومعنى ذلك أنه حكم على المعتل بحكم الصحيح، وحكم الصحيح في الجزم أن تحذف الحركة من آخره، فلما كانت الحركة هاهنا محذوفة اكتفى بذلك فيه، قال قيس بن زهير:

ألم يأتيك والأنباء تنمي … بما لاقت لبون بني زياد (١)

وقال آخر (٢):

هجوتُ زبان ثم جئتُ معتذرا … مِنْ هجو زبان لم تهجو ولم تدعِ

فالحركة مقدرة في الواو والياء، فكأنَّ الجازم في التقدير دخل على حركة الرفع كما دخل عليها في يهب فصار كأنه أسقط الحركة المقدرة كما أسقط الحركة الموجودة، ومن هذا قول الشاعر أيضاً:

ثم نادِي إذا دخلتَ دمشقاً … يايزيدَ بنَ خالد بنِ يزيد (٣)

ومنهم من جعل من بمعنى الذي وجعل يتقي مرتفعاً في صلته ويجعل ويصير ساكناً تحقيقاً كما قرأ أبو عمرو {يأمركم} وبابه.


(١) البيت لقيس بن زهير الجاهلي وهو في الإيضاح لأبي القاسم الزجاجي ص/ ١٠٤، واللسان ٦/ ٣٨٤.
(٢) كثر استشهاد النحاة بهذا البيت ومع هذا لم يذكر أحدٌ قائله. معاني القرآن للفراء ١/ ١٦٢، والإنصاف لابن الأنباري ص/ ٢١٢، وشر ح المفصل لابن يعيش ١٠/ ١٠٤.
(٣) لم أقف على قائله وهو في تفسير القرطبي ٩/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>