للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الكسائي وقطرب: النبي الطريق والعَلَم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- علمٌ على الهدى وطريق إليه فأقول: إنما قالوا: نبياً للزوم البدل في نبي فجُمع جمع ما أصل لامه حرف العلة، ألا ترى أنَّ عيداً لما لزم فيه البدل جمع على أعياد، وكانَ أصلُه يقتضي أن يجمع أعواداً لأنه من عاد يعود كما قالوا: ريح وأرواح.

فإن قيل: فقد روي أنَّ رجلاً قال: «يانبيء الله فقال/ -صلى الله عليه وسلم-: لست بنبيء ولكني نبي الله» (١).

فأقول: الحديث غير صحيح الإسناد وعلى تقدير قبوله؛ فأقول: إنما أنكر الهمز إن صح. والله أعلم لأنه موهم وذلك أنَّ أبا زيدٍ حكى نبات من أرض إلى أخرى فأنا أنبأ نَبْئاً ونبوءاً إذا خرجت منها فإذا قال: يانبيء الله [على هذا احتمل أن يريد ياطريد الله الذي أخرجه من بلدةٍ إلى غيرها] (٢)، ألاترى أنَّ المسلمين كانوا يقولون لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: راعنا، فوجد اليهود بذلك طريقاً إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم- فصاروا يقولون: راعنا ويعنون بذلك الرعونة، وقيل: إنها في لغتهم سبٌّ فنَهَى الله المسلمين عنها فقال: {يأيها الذين آمنوا لاتقولوا رَاعِنَا} (٣)، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بترك لفظ النبيء بالهمز، لأنه موهمٌ إلى البدل المستعمل الذي لايوهم، والنبي مأخوذ من أنبأ إذا أخبر.


(١) رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، قال الذهبي: بل منكر لم يصح، قال النسائي: حمران ليس ثقةً، وقال أبو داود: رافضي روى عن موسى بن عبيدة وهو واهٍ لم يثبت عنه عن نافعٍ عن ابن عمر. المستدرك باب التفسير ٢/ ٢٣١.
(٢) مابين المعقوفتين زيادة من (ش).
(٣) الآية ١٠٤ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>