ورُوي عن أبي عمرو بن العلاء رحمه الله أنه قال: الأسرى ما كان في أيديهم عند الأخذ فإذا بَرَد ذلك فهم الأُسارى، والذي حكاه أبو عبيد عنه أنه قال: ما كان في أيديهم فهم أسارى وما جاء مستأمناً سراً فهم الأسرى.
وأنكر أبو عبيد الفرق بينهما وقال: في الكل أسرى لأنه جمع أسير؛ والوجه في أسارى والله أعلم أنهم شبهوا الأسير بالكسلان من حيث جَمَعَهُمَا المعنى وهوعدم النشاط والقعود عن التصرف فجمعوه جمعه فقالوا: أُسارى كما قالوا: كسالى، وقالوا أيضاً: جمع كسلان كسلى لهذا المعنى، والدليل على اعتبار هذا المعنى أنهم قالوا في/ مريض: مَرْضَى، وقالوا: مَوْتَى، وهَلْكَى وليس ذلك بمعنى مفعول لكن لما كانت هذه بلا ياءٍ أشبه ذلك في المعنى باب جريح، وقتيل فجمع جمعه.
وأما تفادوهم فقيل: هو بمعنى تفدوهم، وقيل: هو من باب المفاعلة لأنَّ الأسير يعطي المال والأسر يُعطي الإطلاق فقد صار في معنى فاعل الذي بابه أن يكون من اثنين، وفرق بينهما قوم فقالوا: فداه إذا أعطي الفداء، وفاداه إذا أعطي فيه أسيراً مثلُه يقولون كان فلان أسيراً ففاديته بأسيرٍ، ومنه قول الشاعر (١):
ولكني فاديتُ أميَ بعدما … علا الرأسَ منها كِبْرة ومشيبُ
بعبدين مَرْضيين لم يك فيهما … عُرضاً للناظرين معيبُ
وقال بعضهم: معنى تفادوهم تماكسون أسرائهم بالثمن ويماكسونكم، ومعنى تفدوهم تشترونهم وقد تكون فديته خلصته مما كان فيه وتكون بمعنى
(١) القائل نصيب وهو في ديوانه/ ٦٥، واللسان (فدي) ٢٠/ ٨.