للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل معنى ماننسخ من آية أي: ماننسخك من آيةٍ أي: نجعلك ذا نسخٍ لها أي: كتابة يقال: أنسخته أي: جعلته ذا نسخٍ كما يقال: أقبرته أي جعلته ذا قبرٍ قال الله تعالى {ثُم أمَاتَه فَأقْبَرَه} (١) وهو في معنى الأول، وقد سبق الاعتراض عليه والجواب عنه.

واختار أبو علي (٢) ومن تابعه ماننسخ أي: مانجد منسوخاً كما يقال: أحمدته إذا وجدته حميداً، وأكرمته وأنجلته، قال: إنما يجدها سبحانه كذلك لنسخه تعالى لها فيتحد المعنى على هذا في قراءة الضم والفتح، ويكون من نسخت الريح الأثر، والهاء في به تعود إلى اللفظ ونفسها مثله بين غير همز يقال: نسيت الشيء تركته وأنسيته أيضاً، وقيل: أنسيته أي: أمرت بتركه وأنشد ابن الأعرابي (٣):

إنَّ عَليَّ عُقْبةً أقضيها … لست بناسيها ولا مُنسيها

أي: لست بتاركها ولا آمراً بتركها.

ومعنى «ذكت إلى» أي: ذكت [هذه القراءة نعمة، فإلى منصوب على التمييز وهو واحد الآلاء وهي النعم] (٤)، وقراءة الهمز وفتح النون بمعنى التأخير والنسأ التأخير يقال: نسأ الله أجلك أي: أخَّر، ومعنى ذلك تأخير إنزالها إلى وقتٍ هو أولى بها وأصلح لهم، فيكون بمعنى الترك في القراءة الأولى على ما سبق، وقد طال خَبْطُ الناس في هذا وتشعب القول حتى قالوا: ننسها من النسيان المضاد للذِّكْر واستدلوا بما لا يستقيم وأنكروا أُنسِيَ بمعنى ترك، وقد ذكرت الاحتجاج، وأوضحت المنهاج والله المستعان.


(١) الآية ٢١ من سورة عبس.
(٢) انظر: الحجة ٢/ ١٨٥.
(٣) البحر المحيط ١/ ٣٣٤، لسان العرب (نسا) ٢٠/ ١٩٥.
(٤) مابين المعقوفتين غير واضحٍ في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>