للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلمْ أنَّ ابن عامرٍ إنما اتَّبع في هذه القراءة الأثر، ألاتراه قرأ بذلك في مواضع مخصوصة حتى قرأ في السورة الواحدة بالياء في موضع وبالألف في موضع.

وإبراهيم لفظٌ أعجمي وأصله بالعبرانية إبراهام فمن العرب من تركه على حاله ولم يعربه، ومنهم من قال إبراهيم لأنه ليس في العربية إفعالال.

وأما قوله تعالى: {واتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى} (١) فمعنى قراءة الفتح أنَّ الناس المذكورين اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فهي عامَّةٌ فينا وفي مَنْ قبلنا فلذلك قال: «عم وأوغلا» يقال: أوغل في الشيء إذا أمعن فيه، ومنه الإيغال في السير.

ومعنى واتخذوا الأمر رُوي أنَّ عمر -رضي الله عنه- قال: يارسول الله أفلا نتخذه مصلى فأنزل الله تعالى {واتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى} (٢) فكان ذلك سبب النزول، والذي رواه مالك يمنع أن يكون هذا سبب النزول لأنه روى عن جابرٍ أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى مقام إبراهيم فسبقه إليه عمر، فقال: يارسول الله هذا مقام أبيك إبراهيم الذي قال الله: {واتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى}، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: نعم هذا مقام أبينا إبراهيم الذي قال الله: {واتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى} (٣).


(١) الآية ١٢٥ من سورة البقرة.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره عن عثمان بن أبي شيبة من طريق أبي ميسرة. انظر التفسير: ١/ ١٦٩.
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره عن ابن أبي حاتم، ثم قال: هكذا وقع في هذه الرواية وهو غريب. انظر: التفسير ١/ ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>