على أنَّ ألف الوصل المحذوفة من الكلام كانت مضمومة لأنَّ هذه الحروف قد حلَّتْ محل ألف الوصل لأنك إنما ابتدأت بهمزة الوصل في انظروا/ اتِّباعاً لضمة الظاء وإن حالت النون بينهما إلا أنها ساكنة فلم يُعتدَّ بها، فكذلك تضم اللام فتقول:{قُلْ انْظُروا} إتْباعاً لضمة الظاء ولا نعتدُّ بسكون النون، وقد حركوا بالفتح في التقاء الساكنين أيضاً في موضع يستثقل فيه غير الفتح وذلك مع الواو نحو: المسلمون لثقل الكسرة بعد الواو ومع الياء نحو: أين وكيف والزائدين لهذه العلة، ومع الكسرة نحو: مَنِ الرَّجُل، ومَنِ ابنُك لثقل توالي الكسرات.
وقوله:«لثالثٍ يضم لزوماً» هذا كلامٌ يحتاج إلى بسط، وذلك أنَّ الفعل المستقبل من الثلاثي ينقسم إلى ما هو مضموم العين وهو الثالث الذي أشار إليه نحو: يدخل، وإلى ما هو مكسورها نحو يضرب [وإلى ما هو مفتوح نحو يذهب](١)؛ فعلى مذهب البصريين كسر الهمزة في نحو: اذهب، انطلق، اضرب لالتقاء الساكنين وهما الألف والحرف الذي بعدها لأنَّ هذه الألف أعني همزة الوصل اجتلبت ساكنة وليس لها في الحركة نصيب إذ أصل كل حرف السكون وبعدها حرف ساكن فكسرت لذلك.
وأما ما ثالثه مضموم نحو: اُدْخُلْ فإنما ضمُّوا ألف الوصل ثم لثقل الضمة بعد الكسرة وليس في كلامهم ضمة بعد كسرة ليست بضمة إعراب، وليس في كلامهم فعل فلما لم يكن بين الألف وبين الحرف المضموم إلاحرفٌ ساكن، والساكن كالميت ليس بحاجز حصين لم يكسروا الألف لذلك وأتبعوا الضمة الضمة طلباً للخفة فقالوا: ادخل ومثله في الأسماء أبلم وقالوا: اذهب، ومثله إصْبَع، وقالوا: اضرب ومثله إذخر، فما خرجوا عن أمثلة الأسماء التي هي أكثر كلامهم.